للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أبي جمرة في حديث يونس: يريد بذلك نفي التكييف والتحديد على ما قاله ابن خطيب الري؛ لأنه قد وجدت الفضيلة بينهما في عالم الحس؛ لأن النبي صلى الله عليه سولم أسري به إلى فوق السبع الطباق، ويونس نزل به إلى قعر البحر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة" وقال عليه السلام: "آدم ومن دونه تحت لوائي"، وقد اختص صلى الله عليه وسلم بالشفاعة الكبرى التي لم تكن لغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فهذه الفضيلة وجدت بالضرورة، فلم يبق أن يكون قوله عليه الصلاة والسلام: "لا تفضلوني على يونس بن متى" إلا بالنسبة إلى القرب من الله


وتفضيل بعض الأنبياء على بعض بالمخايرة؛ لأن المخايرة، إذا وقعت بين دينين لم يؤمن أن يخرج أحدهما إلى الأزراء بالآخر، فيفضي إلى الكفر، فأما إذا كان التخيير مستندًا إلى مقابلة الفضائل ليحصل الرجحان، فلا يدخل في النهي، ثم قال: أعني في الفتح، في قوله: "ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس".
قال العلماء: إنما قاله صلى الله عليه وسلم تواضعًا، إن كان قاله بعد أن علم أنه أفضل الخلق، وإن قاله قبل علمه، فلا إشكال.
وقيل: خص يونس بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له، فبالغ في ذكر فضله لسد هذه الذريعة. انتهى، وذكرته برمته لحسن تلخيصه، وإن تكرر بعضه مع ما ذكره المصنف.
"وقال ابن أبي جمرة" بجيم وراء، "في حديث يونس، يريد بذلك نفي التكييف والتحديد على ما قاله ابن خطي الري" الإمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التميمي، البكري، الطبرستاني، الرازي، بحر العلوم، ناصر السنة، الورع، الدين، صاحب التصانيف الكثيرة، تفقه على أبيه وغيره، ولد سنة ثلاث، وقيل: أربع وأربعين وخمسمائة، وتوفي بهراة يوم عيد الفطر يوم الاثنين سنة ست وستمائة، مر بعض ترجمته أيضًا، كان أبوه خطيبًا بالري: بفتح الراء وشد التحتية، مدينة مشهورة من أعلام البلاد، كانت أعظم من أصبهان والنسبة إليها بزيادة زاي؛ "لأنه قد وجدت الفضيلة بينهما في عالم الحس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به إلى فوق السبع الطباق" أي السماوات "ويونس نزل به إلى قعر البحر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة" خصه؛ لأنه يوم ظهور ذلك كل الظهور.
"وقال عليه السلام: آدم ومن دونه تحت لوائي" فالمراد بولد آدم جنس البشر، كما تقرر، فدخل آدم، "وقد اختص صلى الله عليه وسلم بالشفاعة الكبرى التي لم تكن لغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهذه الفضيلة وجدت بالضرورة، فلم يبق أن يكون قوله عليه الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>