للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكروبيون والروحانيون، وخواص الملائكة أفضل من عوام بني آدم -قال التفتازاني: بالإجماع بل بالضرورة- وعوام بني آدم أفضل من عوام الملائكة. فالسجود له أفضل من الساجد، فإذا ثبت تفضيل الخواص على الخواص لآدم ثبت تفضيل العوام على العوام، فعوام الملائكة خدم عمال الخير، والمخدوم له.


وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل" ملك الموت، "وحملة العرش" وهم أربعة، أو ثمانية، تقدم تحريره في المعراج، "والمقربون والكروبيون" بفتح الكاف وخفة الراء، كما مر، "والروحانيون" بضم الراء وفتحها، أما الضم؛ فلأنهم أرواح ليس معها ماء ولا نار ولا تراب، ومن قال هذا قال: الروح جوهر، ويجوز أن يؤلف الله أرواحًا، فيجسمها ويخلق منها خلقًا ناطقًا عاقلًا، فيكون الروح مخترعًا، والتجسيم بضم النطق والعقل إليه حادثًا من بعد، ويجوز أن أجساد الملائكة على ما هي عليه اليوم مخترعة، كما اخترع عيسى وناقة صالح, وأما الفتح، فبمعنى أنهم ليسوا محصورين في الأبنية والظلل، ولكنهم في فسحة وبساط، وقيل: ملائكة الرحمة روحانيون بفتح الراء، وملائكة العذاب الكروبيون من الكرب، قاله الحليمي والبيهقي.
"وخواص الملائكة" وهم المذكورون "أفضل من عوام بني آدم" يعني أولياء البشر، وهم من عدا الأنبياء، كما في الحبائك، أي: الصلحاء، كما يأتي "قال التفتازاني: بالإجماع، بل بالضرورة" لعصمتهم جميعهم.
قال السيوطي: لكن رأيت لطائفة من الحنابلة؛ أنهم فضلوا أولياء البشر على خواص الملائكة، وخالفهم ابن عقيل من أئمتهم، وقال: إن ذلك شناعة عظيمة عليهم، "وعوام بني آدم أفضل من عوام الملائكة" وهم غير خواصهم في أحد القولين، وجزم به الصفار والنسفي كلاهما من الحنفية.
وذكر البلقيني: أنه المختار عند الحنفية، ومال إلى بعضه، وهو أنه قد يوجد ن أولياء البشر من هو أفضل من غير الخواص من الملائكة، وذهب الأكثرون إلى تفضيل جميع الملائكة على أولياء البشر، وجزم به ابن السبكي في جمع الجوامع، وفي منظومته، فذكر المصنف ثلاث صور استدل لها بقوله:
"فالمسجود له أفضل من الساجد" وهو الملائكة، أي: أن مجموع البشر أفضل من مجموع الملائكة، كما أشار له بقوله: "فإذا ثبت تفضيل الخواص" وهم الأنبياء، "على الخواص" من الملائكة بالسجود "لآدم، ثبت تفضيل العوام على العوام" وهذا صريح في تفضيل المجموع، وأورد الرازي في الأربعين: لم لا يقال: السجدة كانت لله وآدم، كالقبلة سلمنا أنها لآدم، لكن لم لا يكون من السجود التواضع والترحيب، سلمنا أنها وضع الجبهة على

<<  <  ج: ص:  >  >>