"فعوام الملائكة خدم عمال الخير" وهم صلحاء المؤمنين، "والمخدوم له فضل على الخادم"، وهذا استدلال للصورة الثالثة، وعطف على، فالسجود له أفضل من الساجد باعتبار المعنى، أي: فبنو آدم من حيث هم أفضل؛ لأن هذا النوع مسجود له في الجملة؛ "ولأن المؤمنين" من حيث هم "ركب فيهم الهوى" بالقصر، أي: الميل إلى الشيء، ثم استعمل في الميل المذموم نحو: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّك} ، "والعقل" عبر به دون الشهوة، وإن كان أظهر في بيان المشقة الحاصلة للمؤمنين في العبادة، لبيان ما حصل به الاشتراك بين الآدمي والبشر، وقد أوضح ذلك الفخر في الأربعين، فقال: الملائكة لهم عقول بلا شهوة، والبهائم لهم شهوة بلا عقل، والآدمي له عقل وشهوة، فإن رجحت شهوته على عقله كان أخس من البهيمة، قال تعالى: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: ١٧٩] ، فقياسه لو رجح عقله على شهوته وجب أن يكون أفضل من الملك. انتهى. وذكر نحوه البيهقي، وزاد: ألا ترى من ابتلى من الملائكة بالشهوة كيف وقع في المعصية، وذكر قصة هاروت وماروت، وساقها من ثلاثة طرق، فكان المصنف عبر عن الشهوة بالهوى لتسببه عنها، "مع تسليط الشيطان عليهم بوسوسته، والملائكة ركب فيهم العقل دون الهوى" لعدم الشهوة، "ولا سبيل للشيطان عليهم" لعصمتهم، فهذه الآفة غير حاصلة للملائكة، "فالإنسان، كما قاله" التفتازاني "في شرح العقائد" للنسفي، "يحصل الفوائد والكمالات العلمية والعملية مع وجود العوائق والموانع من الشهوة، والغضب، وسنوح الحاجات" أي: ظهورها وعروضها "الضرورية" التي لا بد منها، "الشاغلة عن اكتساب