وقد بسط في الحبائك المسألة، "ثم إن الملائكة بعضهم أفضل من بعض" فأعلاهم درجة حملة العرش، الحافون حوله، فأكابرهم كالأربعة، فملائكة الجنة والنار، فالموكلون ببني آدم، فالموكلو بأطراف هذا العالم، كذا ذكر الرازي، "وأفضلهم الروح الأمين جبريل المزكى" صفة بمنزلة التعليل، كأنه قال: لأنه المزكى "من رب العالمين، المقول فيه من ذي العزة" سبحانه {إِنَّهُ} أي: القرآن، {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} على الله، أضيف إليه القرآن بنزوله به {ذِي قُوَّةٍ} أي: شديد القوة، {عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ} أي: الله {مَكِينٍ} ذي مكانة {مُطَاعٍ ثَمَّ} أي: تطيعه الملائكة في السماوات، وثم إما متعلقة بمطاع، أو بقوله: {أَمِينٍ} [التكوير: ٢٠] ، على الوحي، "فوصفه بسبع صفات" على ما قاله الزمخشري، وهو ظاهر بجعل عند ذي العرش صفة مستقلة لا متعلقة بما قبلها ولا بما بعدها، وعدها الرازي سنة، فجعلها متعلقة بقوله: {ذِي قُوَّة} ، "وهو أفضل الملائكة الثلاثة الذين هم أفضل الملائكة على الإطلاق، وهم ميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل" كما قال كعب الأحبار: جبريل أفضل الملائكة، نقله النعماني، وكأن هذا لم يصح عند السيوطي، فقد قال في الحبائك: سئلت هل الأفضل جبريل، أو إسرافيل؟، والجواب: لم أقف على نقل في ذلك لأحد من العلماء والآثار متعارضة، فحديث الطبراني عن ابن عباس، مرفوعًا: ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل، وأثر وهب أن أدنى الملائكة من الله جبريل، ثم ميكائيل، يدل على تفضيل جبريل، وحديث ابن مسعود، مرفوعًا: "أن أقرب الخلق من الله إسرافيل، صاحب الصور، جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره". وحديث عائشة، مرفوعًا: "إسرافيل ملك الله، ليس دونه شيء"، وأثر كعب: أن أقرب الملائكة إلى الله إسرافيل، وأثر الهذلي ليس شيء من الخلق أقرب إلى الله من إسرافيل. وحديث ابن أبي جبلة: "أول من يدعى يوم القيامة إسرافيل"، وأثر ابن سابط: "يدبر أمر الدنيا