للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، بخلاف سائر العباد من بني آدم، فرد عليهم بأنه لا يستنكف من ذلك المسيح ولا من هو أعلى منه في هذا المعنى وهم الملائكة الذين لا أب لهم ولا أم، ويقدرون بإذن الله تعالى على أفعال أقوى وأصعب وأعجب من إبراء الأكمه، والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله تعالى فالترقي والعلو إنا هو في أمر التجرد وإظهار الآثار القوية لا في مطلق الشرف والكمال، فلا دلالة على الآية على أفضلية الملائكة البتة. انتهى.


"لأنه مجرد لا أب له؛ و" لأنه "كان يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى، بخلاف سائر العباد من بني آدم، فرد" الله "عليهم بأنه لا يستنكف من ذلك"، أي: عبودية الله، "المسيح، ولا من هو أعلى منه في هذا المعنى، وهم الملائكة، الذين لا أب لهم، ولا أم، ويقدرون بإذن الله تعالى على أفعال أقوى وأصعب وأعجب من إبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى بإذن الله تعالى"، الذي شاهدتموه من المسيح، "فالترقي والعلو إنما هو في أمر التجرد" من الأب والأم، "وإظهار الآثار القوية" كالشدة والقوة والبطش، "لا في مطلق الشرف والكمال" المؤدي إلى كثرة الثواب، ومزيد الرفعة عند الله، "فلا دلالة في الآية على أفضلية الملائكة البتة. انتهى" ما أورده من هذا المبحث، وليس المراد انتهى ما في الشعب؛ لأنه ليس فيها ذلك، وقدم قوله انتهى يعني ما في الشعب قبل قوله وذهبت.
والقول الثالث الوقف، حكاه الكلاباذي عن جمهور الصوفية، قال شارحه القونوي: وهو أسلم الأقوال، والسلامة لا يعدلها شيء، كيف وأدلة الجانبين متجاذبة، وليست المسألة مما كلفنا الله تعالى بمعرف الحكيم فيها، فالصواب تفويض علمها إلى الله، واعتقاد أن الفضل لمن فضله الله ليس بشرف الجوهر، ليقال الملائكة أفضل؛ لأن جوهرهم أشرف، فإنهم خلقوا من نور، وخلق البشر من طين، وأصل إبليس وجوهره، وهو النار أشرف وأصفى من جوهر البشر، وما أفاده ذلك فضلًا، ولا بالعمل، ليقال عمل الملائكة أكثر؛ لأن إبليس أكثر عملًا أيضًا.
وقال في منع الموانع عن والده: المسألة ليست مما يجب اعتقاده ويضر الجهل به، ولو لقي الله ساذجًا منها بالكلية، لم يأثم.
قال القاضي تاج الدين: فالناس ثلاثة: رجل عرف أن الأنبياء أفضل واعتقده بالدليل، وآخر جهل المسألة ولم يشتغل بها، وهذان لا ضرر عليهما، وثالث قضى بأن الملك أفضل، وهذا على خطر، وهل من فضل الأنبياء على خطر: فالساذج أسلم منه، أو؛ لأنه لإصابة الحق إن شاء الله ناج من الخطر، هذا موضع نظر، والذي كنت أفهمه عن الوالد أن السلامة في السكوت، وأن الدخول في التفضيل بين هذين الصنفين الكريمين على الله بلا دليل قاطع دخول في خطر

<<  <  ج: ص:  >  >>