للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل معناه: أنه تعالى أخذ الميثاق من النبيين وأممهم، واستغنى بذكرهم عن ذكر الأمم.

وعن علي بن أبي طالب وابن عباس: ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم -وهو حي- ليؤمنن به ولينصرنه. وما قاله قتادة والحسن وطاوس لا يضاد ما قاله علي وابن عباس، ولا ينفيه بل يستلزمه ويقتضيه.

وقيل معناه: أن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كانوا يأخذون الميثاق من أممهم بأنه إذا بعث محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمنوا به وينصروه، واحتج له بأن الذين


اليماني، "وقتادة" السدوسي، الثلاثة من التابعين.
"وقيل معناه: أنه تعالى أخذ الميثاق من النبيين وأممهم، واستغنى بذكرهم عن ذكر الأمم"؛ لأنهم تبع لهم، فهو من الاستغناء بذكر الملزوم عن لازمه، ولا يراد أنه خاص بالرسل؛ لأنهم هم الذين لهم أمم، أم النبيون فلا أمم لهم، لجواز أن يراد بأممهم الأناس الموجودون في زمانهم، وأطلق عليهم أممهم من حيث وجودهم في زمانهم، وإن لم يرسلوا إليهم، فالنبي وإن لم يأمر بشرع، يجب عليه أن يخبر بنبوته، لئلا يحتقر ولا يمتنع عليه الوعظ ونحوه، ومنه أخباره للناس بالإيمان بمحمد إذا جاء، أو الأنبياء.
"وعن علي بن أبي طالب"، عند ابن جرير وغيره، "وابن عباس" عند ابن جرير وابن عساكر، ووقع للزركشي، وابن كثير، والحافظ في الفتح في كتاب الأنبياء: أنهم عزوه لصحيح البخاري.
قال الشامي: ولم أظفر به، فيه "ما بعث الله نبيًا من الأنبياء" وفي رواية: لم يبعث الله نبيًا من آدم، فمن بعده، "إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم، وهو" أي: ذلك النبي "حي ليؤمنن به ولينصرنه"، ويأخذ العهد بذلك على قومه، هذا بقية المروي عن علي وابن عباس، كما قدم، ثم هو موقوف لفظًا، مرفوع حكمًا؛ لأنه إخبار عن غيب، فلا مجال للرأي، فيه، ويحتمل أنهما قالاه فهمًا للآية، والظاهر الأول، ولذا اقتصرت عليه أول الكتاب، "وما قاله قتادة والحسن وطاوس" من أن المعنى أخذ على كل نبي أن يؤمن بمن بعده "لا يضاد" لا يخالف "ما قاله علي وابن عباس، ولا ينفيه، بل يستلزمه"؛ لأنه صدق بعضهم بعضًا، لزم أن يكونوا مأمورين بالإيمان بالمصطفى ونصره، "ويقتضيه" عطف تفسير.
"وقيل معناه: أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يأخذون الميثاق من أممهم، بأنه إذا بعث محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمنوا به وينصروه" وعلى هذا، فإضافة الميثاق إلى النبيين إضافته للفاعل، والمعنى وإذ أخذ الله الميثاق الذي وثقه الأنبياء على أممهم، قاله البيضاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>