للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلى بهم، ولو اتفق مجيئه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به ونصرته، وبذلك أخذ الله الميثاق عليهم، فنبوته عليه السلام عليهم ورسالته إليهم معنى حاصل لهم في حياتهم، وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم معه، فتأخر ذلك الأمر راجع إلى وجودهم لا إلى عدم اتصافهم بما يقتضيه. وفرق بين توقف الفعل على قبول المحل وتوقفه على أهلية الفاعل، فههنا لا توقف من جهة الفاعل، ولا من جهة ذات النبي الشريفة، وإنما هو من جهة وجود العصر المشتمل عليه، فلو وجد في عصرهم لزمهم اتباعه بلا شك، ولهذا يأتي عيسى عليه السلام في آخر الزمان على شريعته، وهو نبي كريم على حاله، لا كما يظن بعض الناس أن يأتي واحدًا من هذه الأمة، نعم هو واحد من هذه الأمة لمال قلنا من اتباعه للنبي، وإنما يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة، وكل ما فيهما من أمر ونهي، فهو متعلق


الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلى بهم" إمامًا، "ولو اتفق مجيئه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى" وباقي الأنبياء والمرسلين، "وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به ونصرته، وبذلك أخذ الله الميثاق عليهم، فنبوته عليه السلام عليهم ورسالته إليهم، معنى حاصل لهم في حياتهم، وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم معه، فتأخر ذلك الأمر راجع إلى وجودهم لا إلى عدم اتصافهم بما يقتضيه، وفرق بين توقف الفعل على قبول المحل" وهو ذاته صلى الله عليه وسلم من حيث قابلة للرسالة؛ بأن يوحى إليها، "وتوقفه على أهلية الفاعل" وهو أمر بالتبليغ؛ لأنه يفعل ما أمر به من تبليغ ما أمر به، ويأمر وينهى، وهي ذاته، فتطلق عليها محلًا وفاعلًا باعتبارين، "فههنا لا توقف من جهة الفاعل، ولا من جهة ذات النبي الشريفة، وإنما هو من جهة وجود العصر" الزمن "المشتمل عليه، فلو وجد في عصرهم، لزمهم إتباعه بلا شك، ولهذا يأتي عيسى في آخر الزمان على شريعته" أي: نبينا، بمعنى أنه مأمور بالعمل بها، كلونه مأمورًا بأتباعه، "وهو نبي كريم على حاله لا كما يظن بعض الناس؛ أنه يأتي واحدًا من هذه الأمة" ليس متصفًا بنبوته، وحذف هذه الصفة تأدبًا، قال السيوطي: وسبب هذا الظن تخيله ذهاب صفة النبوة منه، وهو فاسد؛ لأنه لا يذهب أبدًا ولا بعد موته.
"نعم، هو واحد من هذه الأمة لما قلنا من اتباعه للنبي، وإنما يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة" وأخذه لها من النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة؛ لأنه اجتمع به غير مرة، فلا مانع أنه تلقى منه أحكام شريعته، المخالفة لشرع الإنجيل، لعلمه بأنه ينزل في أمته، ويحكم فيهم بشرعه، وإلى هذا أشار جماعة من العلماء، أو يتلقاها عنه، إذا نزل؛ لأنه يجتمع به في

<<  <  ج: ص:  >  >>