للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضًا، وإنما أخذ المواثيق على الأنبياء ليعلموا أنه المقدم عليهم، وأنه نبيهم ورسولهم.

وفي أخذ المواثيق -وهي في معنى الاستحلاف، ولذلك دخلت "لام" القسم في {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} - لطيفة: وهي كأنها أيمان البيعة التي تؤخذ للخلفاء، ولعل أيمان الخلفاء أخذت من هنا.

فانظر هذا التعظيم العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم من ربه تعالى، فإذا عرف هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم نبي الأنبياء، ولهذا ظهر ذلك في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه،


إلى الناس كافة" قومي وغيرهم من العرب والعجم، "لا يختص به الناس" الكائنون "من زمانه إلى يوم القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضًا" وذكر نحوه البارزي في توثيق عرا الإيمان، وادعى بعض أن ما ذكره السبكي غريب، لا يوافقه عليه من يعتد به، والجمهور على أن المراد بالكافة ناس زمنه، فمن بعدهم إلى يوم القيامة، ودفعه شيخنا لما ذكرته له بأنه لا ينافي كلام الجمهور، إلا إذا أريد التبليغ بالفعل، أما إذا أريد بالبعث اتصافه بكونهم مأمورين في الأزل؛ بأن يتبعوه إذا وجد، كما هو صريح كلامه، فلا يخالفه واحد فضلًا عن الجمهور.
"وإنما أخذ المواثيق على الأنبياء ليعلموا أنه المقدم عليهم، وأنه نبيهم ورسولهم" مع بقائهم على النبوة والرسالة، ولذا لما أثنى على ربه في المعراج، قال إبراهيم: بهذا فضلكم محمد، "وفي أخذ المواثيق" خبر مقدم، "وهي في معنى الاستحلاف" "بحاء مهملة"، أي: طلب اليمين، قال ذلك؛ لأن الميثاق لغة العهد، "ولذلك دخلت لام" جواب "القسم في {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّه} وجواب الشرط محذوف إن جعلت ما بمعنى الشرط، وقرئ بفتح اللام، أما على قراءة لما بكسرها، وجعل ما مصدرية، فهو جواب القسم في: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّه} ، إلخ.
"لطيفة "مبتدأ مؤخر، "وهي كأنها إيمان البيعة التي تؤخذ للخلفاء" على الناس بالطاعة، "ولعل إيمان الخلفاء أخذت من هنا، فانظر" نظر تدبر وتأمل، "هذا التعظيم العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم من ربه تعالى، فإذا عرف هذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم نبي الأنياء" أي: مبعوث إليهم لأخذ الميثاق عليهم بإيمانهم به، أن أدركوه، والمراد بالنبوة هنا الرسالة، أي: أنه رسول إلى جميع الأنبياء، أي: أوحي إليه بتبليغهم عن الله تعالى حتى لو اجتمع بواحد منهم في زمانه كان مرسلًا إليه، مع بقائه على رسالته ونبوته، "ولهذا ظهر ذلك في الآخرة" أي: كونه نبي الأنبياء، "جميع الأنبياء" بالرفع بدل من ذلك، أو بيان له "تحت لوائه"، كما قاله في أحاديث، "و" ظهر "في

<<  <  ج: ص:  >  >>