"وقال في الملائكة: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} أي: الله، أي: غيره، "فذلك نجزيه جهنم" كذلك، كما جزيناه نجزي الظالمين، "مع أنه تعالى أخبر عنهم؛ بأنهم {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْل} لا يأتون بقولهم إلا بعد قوله: وبأنهم {يَخَافُون} أي: الملائكة حال من ضمير يستكبرون، {رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم} حال من هم، أي: عاليًا عليهم بالقهر، "فكل ذلك خرج على سبيل الفرض والتقدير، وإذا نزلت هذه الآية" {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّين} ، "على أن الله أوجب على جميع الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد، لو كانوا في الأحياء، وأنهم لو تركوا ذلك" فرضًا وتقديرًا: "لصاروا في جملة الفاسقين" حاشاهم، "فلأن يكون الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم واجبًا على أممهم من باب أولى"؛ لأنه إذا أمر المتبوع بذلك، فكيف بالتابع، "فكان صرف هذا الميثاق إلى الأنبياء أقوى في تحصيل المقصود" بالتعظيم له، لشموله للأمم بالأخروية، بخلاف حمله على الأمم. "وقال السبكي" الكبير في رسالة صغيرة، سماها التعظيم والمنة في: {لَيُؤْمِنَنَّ بِه} [آل عمران: ٨١] ، "في هذه الآية" أفادت "إنه عليه الصلاة والسلام على تقدير مجيئهم" أي: النبيين "في زمانه، يكون مرسلًا إليهم، فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة، وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته" مع بقاء الأنبياء على نبوتهم، "ويكون قوله عليه الصلاة والسلام" في حديث رواه الشيخان وغيرهما: "وبعثت