للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له. وكذلك قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: ١٩] ، وقوله تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ١٦٦] ، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُه} [المنافقون: ١] ، وقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه} [الفتح:


ما نعلم مع الله إلهًا غيره، فقال: لا إله إلا الله بذلك بعثت، وإلى ذلك أدعوا، فأنزل لله في قولهم: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ} آي: موجود {أَكْبَرُ شَهَادَةً} ، تمييز محول عن المبتدأ، {قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: ٩] ، على صدقي، فهو الجواب؛ لأنه تعالى إذا كان التشهد كان أكبر شيء شهادة.
قال الطيبي: فهو من أسلوب الحكيم، يعني فشهادته معلومة لا كلام فيها، وإنما الكلام في أنه شاهد لي عليكم، مبين لدعواي، وإذا ثبت أنه شيهد له، لزم أن أكبر شيء شهادة شهيد له.
ونحوه قوله التفتازاني، كأنه قيل: معلوم أن الله هو الأكبر شهادة، ولكن الأنسب بالمقام هو الإخبار بأن الله شهيد لي، لينتج مع قولنا: الله أكبر شهادة أن الأكبرة شهادة شهيد لي.
قال أبو حيان: هذا الوجه أرجح مما قدمه الزمخشري؛ أن المعنى قل الله أكبر شهادة، ثم ابتدأ شهيد، أي: هو؛ لأن فيه إضمارًا وآخرًا، والأول لا إضمار فيه مع صحة معناه.
"وقوله تعالى" روى ابن إسحاق عن ابن عباس: دخل جماعة من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: إلي والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله، فقالوا: ما نعم ذلك، فأنزل الله: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ} يبين نبوتك {بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} من القرآن المعجز،
{أَنْزَلَهُ} ملتبسًا {بِعِلْمِهِ} أي: عالمًا به، أو فيه علمه، {وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} أيضًا لك، {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ١٦٦] ، على ذلك.
قال البيضاوي: استدرك على مفهوم ما قبله، وكأنه لما تعنتوا عليه بسؤال كتاب ينزل عليهم من السماء، واحتج عليهم بقوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك} [النساء: ١٦٣] ، قال: إنهم لا يشهدون، ولكن الله يشهد، أو أنهم أنكروه، ولكن الله يثبت، ويقرره بما أنزل إليك من القرآن المعجز، الدال على نبوتك.
روى ابن جرير عن ابن عباس لما نزل: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك} قالوا: ما نشهد لكن فنزلت، "وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُه} [المنافقون: ١] ، فلا يضرك قول المنافقين ذلك بألسنتهم، مخالفًا لما في قلوبهم، وقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: ٢٩] جملة مبينة للمشهود به، ويجوز أن يكون رسول الله صفة، ومحمد خبر محذوف، أو مبتدأ، والذين معه معطوف عليه، وخبرهما أشداء على الكفار رحماء بينهم، كما في الأنوار.

<<  <  ج: ص:  >  >>