للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها؛ لأن المدعي من يقول شيئًا على خلاف الظاهر، والوحدانية أظهر من الشمس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان ادعى النبوة، فجعل الله تعالى شاهدًا له في مجازاة كونه شاهدًا له تعالى فقال سبحانه: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} [المنافقون: ١] ، ومن هذا قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: ٤٣] ، فاستشهد على رسالته بشهادة الله


ظاهر حاله قبل، "فجعل" جواب لما أدخل عليه الفاء، "الله تعالى شاهدًا له في مجازاة كونه شاهدًا له تعالى، فقال سبحانه: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ} التلاوة، يعلم {إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} ولا يصح أن يشهد تفسير ليعلم؛ لأن علم الشيء لا يستلزم الشهادة به، لكن في القاموس شهد الله أنه لا إله إلا هو، أي: علم الله، أو قال، أو كتب، "ومن هذا قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا} قيل: هم رؤساء اليهود، {لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} فإنه أظهر من الأدلة على رسالتي ما يغني عن شاهد يشهد عليها، {وَمَنْ عِنَْهُ عِلْمُ} مرتفع بالظرف، لاعتماده على الموصول، أو مبتدأ، والظرف خبره {الْكِتَابِ} القرآن [الرعد: ٤٣] ، وما ألف عليه من النظم المعجز، أو علم التوراة، وهو ابن سلام وأضرابه.
قال سعيد بن جبير: هو جبريل، وقال عكرمة: هو عبد الله بن سلام، رواهما ابن أبي حاتم، وقال ابن عباس: هم اليهود والنصارى، وقال قتادة: كنا نتحدث أن منهم ابن سلام، وسلمان الفارسي، وتميمًا الدارمي، أخرجهما ابن جرير، وقيل: المراد علم اللوح المحفوظ، وهو الله.
قال الطيبي: فيلزم عطف الشيء على نفسه، فأول الزمخشري وغيره اسم الذاب بما يعطيه من معنى استحقاق العبادة، لكونه جامعًا لمعاني الأسماء، فقال: "كفى بالذي يستحق العبادة وبالذي لا يعلم ما في اللوح إلا هو شهيدًا بيننا"، فيخزي الكاذب منا، ويؤيده قراءة من قرأ ومن عنده بالكسر خبر، والمبتدأ علم.
قال الأزهري: لا يكون إلهًا حتى يكون معبودًا وخالفًا ورازقًا ومدبرًا، فأتى بالموصول ليتوافق المعطوف والمعطوف عليه.
"فاستشهد على رسالته بشهادة الله له"، وأمره بقول ذلك، إذ لا يجحد باطنًا، "وكذلك قوله تعالى" حين قالت قريش: يا محمد لقد سألنا عنك أهل الكتاب، فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة، فأرنا ما يشهد لك أنك رسول الله، فنزلت على ما قال الكلبي، وتبعه البغوي وغيره.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير، عن ابن عباس: أن ثلاثة من اليهود جاءوا، فقالوا: يا محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>