قال أبو الحسن القابسي: أبان الله فضل نبينا وفضل أمته بهذه الآية، وفي قوله: {وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: ٧٨] ، وكذلك قوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء: ٤١] الآية. "كأنه تعالى يقول: يا أيها المشرف" "بالفاء" بالنبوة "من قبلنا إنا أرسلناك شاهدًا بوحدانيتنا، ومشاهدًا كمال فردانيتنا، تبشر عبادنا عنا، وتنذرهم مخالفة أمرنا، وتعلمهم مواضع الخوف منا"، وهي المعاصي، "وداعيًا الخلق إلينا"، أي: إلى ما يجب إلينا، "وسراجًا يستضاء بك" من ظلمات الجهل، ويقتبس من نورك أنوار البصائر، "وشمسًا تبسط شعاعك يستضاء بك" من ظلمات الجهل، ويقتبس من نورك أنوار البصائر، "وشمسًا تبسط شعاعك على جميع من صدقك وآمن بك، ولا يصل إلينا إلا من أتبعك وخدمك وقدمك" على جميع الخلق، بأن علم كمالك الذي تتميز به على غيرك، وأذن له، "فبشر" يا أيها المشرف من قبلنا المؤمنين "بفضلنا" أنعامنا عاجلًا وآجلًا، "وطولنا" أي: إحساننا "عليهم" بترك عقابهم، فتغاير العطف، لكن يصير "وإحساننا لديهم" تفسيريًا، وفي نسخة: فبشره بضمير عائد على لفظ من، وحذفه أولى. "ولما كان الله تعالى قد جعله عليه الصلاة والسلام شاهدًا على الوحدانية، والشاهد لا يكون مدعيًا، فالله تعالى لم يجعل النبي في مسألة الوحدانية مدعيًا لها؛ لأن المدعي من يقول شيئًا على خلاف الظاهر، والوحدانية أظهر من الشمس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أدعى النبوة" قبل نزول هذه الآية، حيث أخبر أن الله بعثه، ولم يعرف بها قبل الدعوة، فأتى بخلاف