"وشاهدًا في الدنيا بأحوال الآخرة" أي: بما يكون فيها ذاتًا، أو صفة، "من الجنة والنار، والميزان والصراط، وشاهدًا في الآخرة بأحوال الدنيا، و" ذلك بأن يشهد للمطيع "بالطاعة" وعلى العاصي، "بالمعصية" فهو بيان للمراد بالشهادة، "والصلاح" الواقع من المطيع "والفساد" من العاصي، وعلمه صلى الله عليه وسلم بذلك؛ لأن أعمال أمته تعرض عليه، كما ثبت في الحديث، واستشكل مع حديث الصحيح: "ليذاد رجال عن حوضي، كما يذاد البعير الضال، أناديهم ألا هلم، فيقال: إنهم بدلوا وغيروا بعدك، فأقول سحقًا سحقًا". وفي رواية: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، وأجيب بأنها إنما تعرض عليه عرضًا مجملًا، فيقال: عملت أمتك شرًا عملت أمتك خيرًا، أو أنها تعرض عليه دون تعيين عاملها، قاله الأبي. "وشاهدًا على الخلق يوم القيامة" بإبلاغ أنبيائهم وتزكية أمته، "كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} الآية. روى أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد، مرفوعًا: "يجيء نوح وأمته، فيقول الله: هل بلغت؟، فيقول: نعم، أي: رب، فيقول لأمته: هل بلغكم؟، فيقولون: لا، ما جاءنا من نبي، فيقول لنوح: من يشهد لك، فيقول: محمد وأمته، وهو قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، والوسط العدل، فتدعون، فتشهدون له بالبلاغ، ثم أشهد عليكم". وروى أحمد والنسائي وابن ماجه، عن أبي سعيد، رفعه: "يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك، فيقال له: هل بلغت قومك؟، فيقول: نعم، فيدعي قومه، فيقال لهم: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا، فيقال له: من يشهد لك؟، فيقول: محمد وأمته، فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟، فيقولون: نعم فيقال: وما علمكم؟، فيقولون: جاء نبينًا، فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا وصدقناه، فذلك قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} " [البقرة: ١٤٣] .