للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠] .

وهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بطريق الأولى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي، ولا ينعكس، كما قدمنا ذلك في أسمائه الشريفة من المقصد الثاني.

وبذلك وردت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم:

فروى الإمام أحمد من حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارًا، فأحسنها وأكملها، وترك فيها موضع لبنة لم يضعها، فجعل


"وقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} ".
قال ابن عطية: أذهب الله بهذه الآية ما وقع في نفوس منافقين وغيرهم، من تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجة دعية زيد بن حارثة؛ لأنهم كانوا استعظموا أن يتزوج زوجة ابنه، فنفى القرآن تلك النبوة، وأعلم أنه عليه السلام ما كان أبا أحد من المعاصرين له حقيقة، ولم يقصد بهذه الآية أنه لم يكن له ولد، فيحتاج إلى الاحتجاج في أمر بنيه بأنهم كانوا ماتوا، ولا في الحسن والحسين إلى أنهما ابنا بنته، ومن احتج بذلك تأول معنى البنوة على غير ما قصد بها، " {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} وقرئ بالرفع، أي: هو، وقرأ عاصم وأبو عمرو ونافع، بالنصب عطفًا على أبا، ولكن بالتخفيف، وقرأت فرقة، لكن بالتشديد، ورسول اسمها، والخبر محذوف، {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} " "بكسر التاء" قراءة الجمهور، بمعنى أنه ختمهم، أي: جاء آخرهم، وقرأ عاصم بفتح التاء، أي: أنهم ختموا به، فهو كالخاتم والطابع لهم.
"وهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده، فلا رسول بطريق الأولى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس" فليس كل نبي رسولًا، "كما قدمنا ذلك في أسمائه الشريفة من المقصد الثاني، وبذلك وردت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم".
"فروى الإمام أحمد" بن حنبل "من حديث أبي بن كعب" الأنصاري الخزرجي، سيد القراء، من فضلاء الصحابة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثلي" مبتدأ "في النبيين" متعلق به، وفي حديث جابر: "ومثل الأنبياء"، بالعطف والخبر، "كمثل رجل بنى دارا فأحسنها وأكملها، وترك فيها موضع لبنة" "بفتح اللام وكسر الموحدة ونون"، ويجوز كسر اللام وسكون الموحدة: قطعة طين تعجن، وتعد للبناء من غير إحراق، فإن أحرقت، فهي آجرة "لم يضعها، فجعل الناس يطوفون

<<  <  ج: ص:  >  >>