وفي كتاب الأضداد للصغاني: تحنث إذا أتى الحنث وإذا تجنبه. "وهو التعبد" من تسمية المسبب باسم السبب على التفسير الأول؛ لأن التعبد سبب لإزالة الإثم وليس نفسه. وعلى الثاني ظاهر "الليالي" نصب على الظرفية متعلق بيتحنث لا بالتعبد؛ لأنه لا يشترط فيه الليالي بل مطلق التعبد، "ذوات العدد" مع أيامهن واقتصر عليهن تغليبًا؛ لأنهن أنسب للخلوة ووصفها بذلك للتقليل كما في دراهم معدودة أو للتكثير لاحتياجها إلى العدد، وهو المناسب للمقام والتفسير للزهري أدرجه في الخبر؛ كما جزم به الطيبي. قال الحافظ: ورواه البخاري في التفسير تدل عليه وأبهم العدد لاختلافه بالنسبة إلى المدد التي يتخللها مجيئه إلى أهله، وللبخاري ومسلم جاورت بحراء شهرًا، ولابن إسحاق: أنه شهر رمضان، ولم يصح عنه أكثر منه. وروى سوار بن معصب: أربعين يومًا لكنه متروك الحديث، قال الحاكم وغيره. وفي تعبده قبل البعثة بشريعة أم لا قولان، الجمهور على الثاني. واختار ابن الحاجب والبيضاوي الأول ففي أنه بشريعة إبراهيم أو موسى أو عيسى أو نوح أو آدم أو بشريعة من قبله دون تعيين، أو بجميع الشرائع. ونسب للمالكية أو الوقف أقوال، ولم يأت تصريح بصفة تعبده بحراء، فيحتمل أنه أطلق على الخلوة بمجردها تعبد، فإن الانعزال عن الناس، ولا سيما من كان على باطل عبادة، وعن ابن المرابط وغيره كان يتعبد بالفكر، وهذا على قول الجمهور. "ويتزود" بالرفع عطفًا على يتحنث، أي: يتخذ الزاد، "لذلك" أي: للتعبد، "ثم يرجع إلى خديجة، فتزوده لمثلها" أي: الليالي؛ كما اقتصر عليه الفتح في بدء الوحي ورجحه في التعبير وإن رجح غيره في التفسير لأن مدة الخلوة كانت شهرًا، فكان يتزود لبعض ليالي الشهر، فإذا نفد رجع إلى أهله فيتزود قدر ذلك، ولم يكونوا في سعة بالغة من العيش وكان غالب أدمهم اللبن واللحم ولا يدخر منه كفاية شهر لسرعة فساده، لا سيما وقد وصف بأنه كان يطعم من يرد عليه، وفيه أن الانقطاع الدائم عن الأهل ليس من السنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينقطع بالغار بالكلية بل كان يرجع إلى أهله لضروراتهم، ثم يرجع لتحنثه. "حتى" على بابها من انتهاء الغاية، أي: واستمر بفعل ذلك حتى "فجأه" بفتح الفاء وكسر