وفي رواية همام: "ألا وضعت ههنا لبنة، فيتم بنيانك" قال صلى الله عليه وسلم: "فأنا موضع اللبنة، ختم بي الأنبياء"، ولمسلم: "جئتم، فختمت الأنبياء، عليهم السلام". وفي حديث أبي هريرة، قال: "فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين"، "رواه أبو داود" سليمان بن داود بن الجارود، "الطيالسي" "بفتح الطاء والتحتانية" نسبة إلى الطيالسة المعروفة، البصري، الثقة، الحافظ، المصنف، مات سنة أربع، وقيل: ثلاث ومائتين، روى له مسلم والأربعة، "وكذا البخاري ومسلم، بنحوه" عن جابر، وأخرجاه أيضًا من حديث أبي هريرة، وسياقه، أتم، وقدمه المصنف في الخصائص. "وفي حديث أبي سعيد الخدري: "فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة"، رواه مسلم" فيه شيء؛ لأن مسلمًا لم يسق لفظه، بل أحال به على حديث أبي هريرة الذي رواه من ثلاثة طرق، فقال: حدثنا ابن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثلي ومثل النبيين"، فذكر نحوه هذا لفظ مسلم، وقد علمت ثبوتها في حديث أبي هريرة، وأورد أن المشبه به واحد، والمشبه جماعة، فكيف صح التشبيه، وأجيب بأنه جعل الأنبياء كرجل واحد؛ لأنه لا يتم ما أراد من التشبيه إلا باعتبار الكل، وكذا الدار لا تتم إلا باجتماع البنيان، وبأنه من باب التبيه التمثيلي، وهو أن يوجد وصف من أوصاف المشبه، ويشبه بمثله من أحوال المشبه به، فكأنه شبه الأنبياء وما بعثوا به من إرشاد الناس بيت أسست قواعده ورفع بنيانه، وبقي منه موضع يتم به صلاح ذلك البيت، وزعم ابن العربي؛ أن اللبنة المشار إليها كانت في أس الدار المذكورة، وأنها لولا وضعها لا نقضت تلك الدار، قال: وبهذا يتم المراد من التشبيه المذكور. قال الحافظ: وهذا إن كان منقولًا فحسن، وإلا فليس يلازم. نعم ظاهر السياق أن اللبنة في مكان يظهر عدم الكمال في الدار بفقدها. وفي رواية مسلم: "إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها"، فظهر أن المراد أنها مكملة محسنة، وإلا لاستلزم أن يكون الأمر بدونها ناقصًا، وليس كذلك؛ فإن شريعة كل نبي بالنسبة إليه كاملة، فالمراد هنا النظر إلى الأكمل بالنسبة إلى الشريعة المحمدية مع ما مضى من الشرائع الكاملة، وفي الحديث ضرب الأمثال للتقريب للإفهام.