للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك اختلاف في أن فاران هي مكة.

وإن ادعى أنها غير مكة قلنا: أليس في التوراة: إن الله أسكن هاجر وإسماعيل فاران؟ وقلنا: دلونا على الموضع الذي استعلن الله منه واسمه فاران، والنبي الذي أنزل عليه كتاب بعد المسيح، أوليس "استعلن" و "علن" بمعنى واحد، وهو ما ظهر وانكشف. فهل تعلمون دينًا ظهر ظهور الإسلام، وفشا في مشارق الأرض ومغاربها فشوه.

وفي التوراة أيضًا -مما ذكره ابن ظفر- خطابًا لموسى، والمراد به الذين اختارهم لميقات ربه الذين أخذتهم الرجفة خصوصًا، ثم بني إسرائيل عمومًا: والله ربك يقيم نبيًا من إخوتك، فاستمع له كالذي سمعت ربك في حوريت يوم الاجتماع حين قلت: لا أعود أسمع صوت الله ربي لئلا أموت، فقال الله تعالى:


إسماعيل وحيث ربي، وفي جبال فاران أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم، "وإن ادعى"، عن معاند "إنها غير مكة، قلنا: أليس في التوراة إن الله أسكن هاجر وإسماعيل فاران" فإن قالوا: بلى، طلبنا منهم تعيين ذلك المحل، "وقلنا" لهم: "دلونا على الموضع الذي استعلن الله"، أي: أظهر النبوة "منه، واسمه فاران، والنبي الذي أنزل عليه كتاب بعد المسيح" ابن مريم، "أو ليس استعلن وعلن بمعنى واحد"، وسين الأول للتأكيد، "وهو ما ظهر وانكشف، فهل تعلمون دينًا ظهر ظهور الإسلام، وفشا في مشارق الأرض ومغاربها فشوه" أيك انتشر واتسع، وبهذا غاير: ظهر، "وفي التوراة أيضًا مما ذكره ابن ظفر" في الصنف الذي لاينكر أهل الكتاب مجيئه في التوراة، "خطابًا لموسى، والمراد به" أي: الخطاب، "الذين اختارهم" موسى ممن لم يعبد العجل "لميقات ربه" بأمره، أي: للوقت الذي وعده بإتيانهم فيه ليعتذروا من عبادة أصحابهم العجل، "الذين أخذتهم الرجفة" الزلزلة الشديدة.
قال ابن عباس: لأنهم لم يزايلوا قومهم حين عبدوا العجل، قال: وهو غير الذين سألوا الرؤية وأخذتهم الصاعقة "خصوصًا، ثم" خاطب "بني إسرائيل عمومًا، والله ربك يقيم نبينا من أخوتك، فاستمع له" ما يخاطبه قومه تعنتًا، كما قال تعالى: إخبارًا عنهم {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ} [البقرة: ١١٨] ، أي: هلا يكلمنا كما يكلم الملائكة، أو يوحي إلينا أنك رسوله، أو تأتينا آية حجة على صدقه، والأول استكبار، والثاني جحود، كما في الأنوار، فهو تسلية لموسى عليه السلام، "كالذي سمعت ربك في حوريث" "بحاء مهملة أوله وفوقية آخره".
قال في القاموس: موضع ولا نظير لها، أي: لهذه الكلمة "يوم الاجتماع حين قلت: لا أعود

<<  <  ج: ص:  >  >>