وإذا أردت ذلك، "فأعلم أن الله تعالى أقسم بأمور على أمور، وإنما أقسم بنفسه"، أي: بالألفاظ الدالة على ذاته، "الموصوفة بصفاته"، وذلك في سبعة مواضع من القرآن {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَق} [يونس: ٥٣] ، وقوله: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي} [التغابن: ٧] ، {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُم} [مريم: ٦٨] ، {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ} [الحجر: ٩٢] ، {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُون} [النساء: ٦٥] ، {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} [الذاريات: ٢٣] ، {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: ٤٠] . والباقي كله أقسم بمخلوقاته، كما قال: "و" أقسم "بآياته المستلزمة لذاته وصفاته" لدلالة إلا آيات على الصانع، وأورد: كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القسم بغير الله أجيب؛ بأن المراد بنحو، قوله: والقلم ورب القلم. وكذا الباقي، وبأن العرب كانت تعظم هذه الأشياء، أو تقسم بها، فنزل القرآن على ما تعرفه، وبأن الأقسام إنما يكون بما يعظمه المقسم ويجله، وهو فوقه والله تعالى ليس فوقه شيء، فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته؛ لأنها تدل على بارئ وصانع، "وأقسامه ببعض مخلوقاته دليل على أنه" أي: ذلك البعض "من عظيم آياته" من إضافة الصفة للموصوف. قال ابن القيم: والقسم إما على جملة خبرية، وهو الغالب، كقوله: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} وأما على جملة طلبية، كقوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، مع أن هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه، فيكون من باب الخبر، وقد يراد به تحقيق المقسم به والمقسم عليه، ويراد بالمقسم توكيده وتحقيقه، "ثم تعالى تارة بذكر جواب القسم، وهو الغالب، وتارة يحذفه، وتارة يقسم على أن القرآن حق، وتارة على أن الرسول حق، وتارة على أن الجزاء والوعد" بالخير، "والوعيد" بالشر "حق".