قال ابن الأثير: الخلق "بضم اللام وسكونها" الدين والطبع والسجية، وحقيقته أنه لصورة الإنسان الباطنة، وهي نفسه وأوصافه، معانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة، وأوصافها ومعانيها، ولها أوصاف حسنة وقبيحة، والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة، "وهذه" الأخلاق الحميدة "كانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم المقتبسة" أي: المأخوذة "من القرآن فكان كلامه مطابقًا للقرآن تفصيلًا وتبيينًا" تفسيري، "وعلومه علوم القرآن، وكانت "إرادته وأعماله ما أوجبه" طلبه طلبًا جازمًا، "وندبه" طلبه طلبًا غير جازم "إليه القرآن، إعراضه وتركه لما منع القرآن" منه، "ورغبته فيما رغب فيه، وزهده فيما زهد فيه، وكراهته فيما كرهه" بخفة الراء، ليناسب قوله بعد أحبه "فيه ومحبته فيما أحبه، وسعيه في تنفيذ أوامره، فترجمت أم المؤمنين عائشة، لكمال معرفتها بالقرآن وبالرسول، وحسن" فعل ماض عطف على فترجمت "تعبيرها" أو هو بضم الحاء وسكون السين والجر عطف على الكمال والأول أظهر" "عن هذا كله، بقولها: كان خلقه القرآن، وفهم السائل عنها هذا المعنى، فاكتفى به واشتفى" من داء الجهل، بمعنى أنه زوال ما كان عنده من التوقف الحامل على السؤال، حتى كأنه برئ من دائه، ومر مزيد لشرح هذا في الفصل الثاني من المقصد الثالث. "ولما وصفه تعالى بأنه على خلق عظيم، قال" مسليًا له عما قالوه في حقه بما وعده من عقابهم وتوعدهم: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُون} [القلم: ٥] .