وفي ابن عطية اختلف في معنى ممنون، فأكثر المفسرين أنه الواهن المنقطع، وقيل: ضعيف، وقيل: غير ممنون عليك، أي: لا يكدره من به، وقال مجاهد: معناه غير مضر ولا محسوب، أي: بغير حساب. انتهى. "ونكر الأجر للتعظيم، أي: أجرًا عظيمًا، لا يدركه الوصف، ولا يناله التعبير" المتعارف للناس، أي: يقصر عن أدائه لكثرته، وأتى بتأكيدات أربع للاهتمام والتقرير والإنكار وزيادته، فأكد المجموع بالمجموع، أو هي موزعة على ما ذكروا، إن لم يكن صلى الله عليه وسلم منكرًا؛ لأنه قد يراعي حال السامع، كما في التعريض، "ثم أثنى عليه" مدحه "بما منحه" أعطاه من مواهبه السنية، "فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] الآية، مؤكدًا بأن مع القسم واللام واسمية الجملة تتميمًا للتعظيم، "وهذه من أعظم آيات نبوته ورسالته، ولقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت: كان" أحسن الناس خلقًا كان "خلقه القرآن" يرضي لرضاه، ويغضب لغضبه، لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخابًا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ثم قالت: اقرأ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون} ، إلى العشر، فقرأ السائل، فقالت: هكذا كان خلقه صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن أبي شيبة وغيره مطولًا، ورواه أحمد ومسلم وأبو داود، عنها بلفظ: كان خلقه القرآن، يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه، "ومن ثم قال ابن عباس وغيره" تفسيرًا لقوله على خلق، "أي على دين عظيم، وسمي الدين خلقًا؛ لأن الخلق" الحسن "هيئة مركبة من علوم صادقة وإرادات زاكية"، صالحة نامية، "وأعمال ظاهرة وباطنة موافقة للعدل" الإنصاف "والحكمة" وهي تحقيق العلم وإتقان العمل، وتطلق على أمور، "والمصلحة" التي يقتضيها، "وأقوال مطابقة للحق" لا كذب فيه أصلًا، "تصدر تلك الأقوال والأعمال عن تلك العلوم والإرادات،