للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشرح به صدره، وهو أن يعطيه فيرضى. وهذا يعم ما يعطيه من القرآن والهدى والنصر والظفر بأعدائه يوم بدر وفتح مكة، ودخول الناس في الدين أفواجًا، والغلبة على بني قريظة والنضير، وبث عساكره وسراياه في بلاد العرب، وما فتح على خلفائه الراشدين في أقطار الأرض من المدائن، وما قذف في قلوب أعدائه من الرعب، ونشر الدعوة، ورفع ذكره وإعلاء كلمته، وما يعطيه بعد مماته، وما يعطيه


قيل في ضده: أسخن الله عينه، "وتفرح" "بفتح الراء مع فتح أوله فوقية وبضمه تحتية مع كسر الراء" "به نفسه": يسرها ويرضيها، والفرح لذة القلب بنيل ما يشتهي ويتعدى "بالهمزة والتضعيف"، "وبشرح به صدره" يوسعه ويملؤه نورًا، "وهو أن يعطيه فيرضى، وهذا يعم ما يعطيه من القرآن" النازل عليه بعد هذه الآية، "والهدى والنصر": العون والتقوية، "والظفر بأعدائه" يقال: ظفر بعدوه، وأظفرته به وأظفرته عليه، بمعنى وأصله الفوز والفلاح "يوم بدر" بقتل سبعين وأسر سبعين، "وفتح مكة" وحل القتال له فيها ساعة من نهار، وصار أعظم أهلها عليه أحوجهم إليه، "ودخول الناس في الدين" دين الله "أفواجًا" جماعات، بعدما كان يدخل فيه واحدًا بعد واحد، وذلك بعد فتح مكة، جاءه العرب من أقطار الأرض طائعين، "والغلبة على بني قريظة" بقتل رجالهم وسبي ذريتهم ونسائهم، "والنضير" بإجلائهم وجعلها خالصة له، "وبث عساكره وسراياه في بلاد العرب" وفي غيرها، كبعث زيد والأمراء إلى موته من أرض الشام، وبعث أسامة ابنه بعد ذلك إلى محل قتل أبيه، فخرج بعد الوفاة النبوية، فنصره الله وقتل قاتل أبيه، فاقتصر على العرب لكثرتها فيها، "وما فتح على خلفائه الراشدين في أقطار الأرض من المدائن"، ففتح في أيام الصديق بصرى ودمشق وبلاد حوران وما والاها، ثم في أيام عمر البلاد الشامية كلها وأكثر إقليم فارس، وكسر كسرى، وفر إلى أقصى مملكته، وفر هرقل إلى القسطنطينية، ثم في زمن عثمان مدائن العراق وخراسان والأهواز، وبلاد المغرب كلها، ومن المشرق إلى أقصى بلاد الصين، وقتل كسرى، ومزق ملكه بالكلة، ثم امتدت الفتوحات بعده إلى الروم وغيرها، ولم تزل تجدد إلى الآن ولله الحمد، وقد فتح صلى الله عليه وسلم المدينة بالقرآن، وخيبر ومكة والبحرين وسائر جزيرة العرب، وأرض اليمن بكاملها وأخذ الجزية من مجوس هجر، ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقل والمقوقس وملوك عمان، والنجاشي الذي ملك بعد أصحمة، "وما قذف في قلوب أعدائه من الرعب" مسيرة شهر من كل جهة؛ لأنه لم يكن بينه وبين أعدائه أكثر من شهر، "ونشر الدعوة" تفرقها وعمومها للخلق، "ورفع ذكره" فلا يذكر الله إلا ويذكر معه صلى الله عليه وسلم، "وإعلاء كلمته" على كل كلام، فهذا كله مما أعطاه له في الدنيا، "وما يعطيه بعد مماته" من الرحمات النازلات على قبره، والرضوان الذي لا يتناهى لدوام ترقياته ومضاعفة أعماله

<<  <  ج: ص:  >  >>