للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن من لم يرض بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكون مؤمنًا، وعلى أنه لا بد من حصول الرضى بحكمه في القلب، وذلك بأن يحصل الجزم والتيقن في القلب بأن الذي يحكم به عليه الصلاة والسلام هو الحق والصدق، فلا بد من الانقياد باطنًا وظاهرًا، وسيأتي مزيد بيان لذلك إن شاء الله تعالى في مقصد محبته عليه الصلاة والسلام.

ثم إن ظاهر الآية يدل على أنه لا يجوز تخصيص النص بالقياس؛ لأنه يدل على أنه يجب متابعة قوله وحكمه، وأنه لا يجوز العدول عنه إلى غيره.

وقوله: {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} مشعر بذلك؛ لأنه متى خطر بقلبه قياس يقتضي ضد مدلول النص فهناك يحصل الحرج في النفس، فبين الله تعالى أنه لا يكمل إيمانه إلا بعد أن لا يتلفت إلى ذلك الحرج ويسلم إلى النص تسليمًا كليًا، قاله الإمام فخر الدين.


عام، "حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به" الهوى بالقصر ما يهواه العبد ويحبه ويميل إليه، فحقيقته شهوة النفس، وهو ميلها لملائمها، ويستعمل في عرف الشرع في الميل إلا خلاف الحق، كقوله: ولا تتبع الهوى فيضلك، "وهذا" الحديث "يدل على أن من لم يرض بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكون مؤمنًا" أصلًا، بل كافرًا إن اعتقد بطلانه، أو أنه ليس من الله، أما إن اعتقد حقيقته وتألم منه في نفسه لمشقته فمؤمن ناقص، "وعلى أنه لا بد من حصول الرضا بحكمه في القلب، وذلك بأن يحصل الجزم والتيقن في القلب بأن الذي يحكم به عليه الصلاة والسلام هو الحق والصدق، فلا بد من الانقياد باطنًا وظاهرًا.
ذكر هذا وإن تقدم معناه قريبًا؛ لأن شرح للحديث، فمراده أنه دل على ما دلت عليه الآية، "وسيأتي مزيد بيان لذلك إن شاء الله تعالى في مقصد محبته عليه الصلاة والسلام" وهو السابع، "ثم إن ظاهر هذه الآية يدل على أنه لا يجوز تخصيص النص بالقياس"، سواء كان جليًا أو خفيًا، كما أجازه الرازي، وقيل: المنع في الخفي لضعفه بخلاف الجلي؛ "لأنه يدل على أنه يجب متابعة قوله وحكمه" بالخفض، "وأنه لا يجوز العدول عنه إلى غيره، وقوله: {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا} ضيقًا أو شكا " {مِمَّا قَضَيْتَ} " به "مشعر بذلك؛ لأنه متى خطر بقلبه قياس يقتضي ضد مدلول النص، فهناك يحصل الحرج في النفس، فبين الله تعالى؛ أنه لا يكمل إيمانه إلا بعد أن لا يلتفت إلى ذلك الحرج ويسلم إلى النص": ينقاد لحكمه "تسليمًا كليًا" من غير معارضة، "قاله الإمام فخر الدين" الرازي بعدما كان يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>