وظاهر هذا؛ أنه من قدم لازمًا بمعنى تقدم، وفي النوار، أي: لا تقدموا أمرًا، فحذف المفعول ليذهب الوهم إلى كل ما لا يمكن أو تركه؛ لأن المقصود نفي التقدم رأسًا، أو لا تتقدموا منه مقدمة الجيش لمتقدمهم، ويؤيده قراءة يعقوب: لا تقدموا، وفي ابن عطية: قال ابن زيد: معنى لا تقدموا لا تمشوا بين يدي رسول الله، وكذلك بين يدي العلماء، فإنهم ورثة الأنبياء هذا ظاهر في أن معناه التقدم الحسي. "وهذا" النهي عن التقدم "باق إلى يوم القيامة لم ينسخ" سواء كان التقدم حقيقة أو حكمًا، "فالتقدم بين يدي سنته" الواردة عنه بإسناد صحيح أو حسن، ولا معارض راجح "بعد وفاته، كالتقدم بين يديه في حياته"، لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] ، "لا فرق بينهما عند ذي عقل سليم"، وقد علم التقدم أعم من كونه حقيقة أو حكمًا، فلا يرد أنه ينتهي بوفاته صلى الله عليه وسلم، فيتعذر النسخ بوفاته الانقطاع الوحي فلا يحسن بل لا يصح تفريعه على ما قبله. "قال مجاهد" عند البخاري في تفسير لا تقدموا، "لا تفتاتوا" أي: لا تسبقوا "بشيء على رسول الله صلى الله عليه وسلم" بل أمهلوا وامتنعوا عن العمل فيه بشيء "حتى يقضيه الله على لسانه" فاعملوا به، فالغاية لمقدر. قال الزركشي: الظاهر أن هذا التفسير على قراءة ابن عباس ويعقوب "بفتح التاء والدال" والأصل لا تتقدموا، فحذف إحدى التاءين. قال الدماميني: بل هو متأت على القراءة المشهورة أيضًا، فإن قدم بمعنى تقدم.