للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} [سبأ: ٨] .

ولما قالوا: {لَسْتَ مُرْسَلًا} [الرعد: ٤٣] أجاب الله تعالى عنه فقال: {يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس: ١-٣] .

ولما قالوا: {أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} رد الله تعالى عليهم فقال: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} فصدقه ثم ذكر وعيد خصمائه فقال: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ} [الصافات: ٣٦- ٣٨] .

ولما قالوا: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: ٣٠] ، رد الله عليهم بقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ


ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق أنكم لفي خلق جديد {أَفْتَرَى} "بفتح الهمزة للاستفهام واستغنى بها عن همزة الوصل" {عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} في ذلك، {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} [سبأ: ٨] الآية، جنون، تخيل ذلك به، "قال الله تعالى": ردًا عليهم: {بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} المشتملة على البعث والعذاب " {فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} " [سبأ: ٨] ، من الحق في الدنيا.
قال البيضاوي: رد الله عليهم ترديدهم، وأثبت لهم ما هو أفظع من القسمين وهو الضلال البعيد عن الصواب، بحيث لا ترجى الخلاص منه وما هو مؤداه من العذاب، "ولما قالوا {لَسْتَ مُرْسَلًا} [الرعد: ٤٣] الآية، "أجاب الله تعالى عنه" بالإقسام، "فقال: {يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس: ١] الاية، ومرت مباحث ذلك، ولم يجعل الجواب من بقية الآية وهي {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الرعد: ٤٣] ومن عنده علم الكتاب، أي: على صدقي لعدم صراحتها في الرد، "ولما قالوا {أَئِنَّا} بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية، وإدخال ألف بينهما على الوجهين " {لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} " [الصافات: ٣٦] ، أي: لأجل قول محمد "رد الله تعالى عليهم، فقال: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ٣٧] " الجاثين به، وهو لا إله إلا الله، "فصدقه، ثم ذكر وعيد خصمائه، فقال: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} "، "ولما قالوا": ما حكى الله عنهم بقوله: {أَمْ يَقُولُون} هو " {شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} " [الطور: ٣٠] الآية، حوادث الدهر، فيهلك كغيره من الشعراء، وقيل: المنون الموت، "رد الله عليهم، بقوله: " {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي} " يسهل {لَهُ} الشعر {إِنْ هُوَ} ، أي: الذي أتى به {إِلَّا ذِكْرٌ} عظة {وَقُرْآنٍ مُبِين} [يس: ٦٩] الآية، مظهر للأحكام وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>