للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقلاء ذلك في الدنيا، ويزداد علمهم به في البرزخ، وينكشف ويظهر كل الظهور في الآخرة بحيث تتساوى الخلق كلهم في العلم به. وقال تعالى: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التكوير: ٢٢] .

ولما رأى العاصي بن وائل السهمي النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من المسجد، وهو يدخل فالتقيا عند باب بني سهم وتحدثا، وأناس من صناديد قريش جلوس في المسجد، فلما دخل العاصي قالوا: من ذا الذي كنت تحدث معه، قال: ذلك الأبتر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد توفي ابن لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة، فرد الله تعالى عليه، وتولى جوابه بقوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣] أي عدوك ومبغضك هو الذليل الحقير.

ولما قالوا: {افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [سبأ: ٨] قال الله تعالى: {بَلِ الَّذِين


"وقد علموا هم والعقلاء" من غيرهم "ذلك" أي: أنهم المفتونون لا هو "في الدنيا" متعلق بعلموا، "ويزداد علمهم به في البرزخ": القبر، "وينكشف ويظهر كل الظهور في الآخرة، بحيث تتساوى الخلق كلهم في العلم به، وقال تعالى": عطف على بقوله: {مَا أَنْت} من عطف الفعل على اسم يشبه الفعل، وهو المصدر، والمعهنى قوله: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} ، وبقوله: " {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} " [التكوير: ٢٢] ، فقال: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّس} .. إلخ.
"ولما رأى العاصي بن وائل السهمي" أحد المستهزئين الميت على كفره "النبي صلى الله عليه وسلم، يخرج من المسجد، وهو" أي: العاصي "يدخل، فالتقيا عند باب بني سهم": بطن من قريش، "وتحدثا وأناس من صناديد": جمع صنديد، وهو السيد الشجاع أو الحليم، أو الجواد، أو الشريف، كما في القاموس، "قريش جلوس في المسجد، فلما دخل العاصي، قالوا له: من ذا الذي كنت تحدث"، بحذف إحدى التاءين "معه، قال: ذلك الأبتر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد توفي ابن لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة"، وهو القاسم أول من مات من ولده، أو عبد الله روايتان: "فرد الله تعالى عليه، وتولى جوابه بقوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} " [الكوثر: ٣] ، "أي: عدوك ومبغضك هو الذليل الحقير"، الذي لا عقب له ولا حسن ذكر، وأما أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك إلى يوم القيامة، ولك فيها ما لا يدخل تحت الوصف، ولا يرد أن العاصي أعقب عمرًا وهشامًا؛ لأنهما لما أسلما انقطع عقبه منهما، فصارا من أتباع المصطفى وأزواجه أمهاتهما، "ولما قالوا": أي: الذين كفروا على جهة التعجب لبعض هل

<<  <  ج: ص:  >  >>