للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتسحيل عليه، ولا يعرف صور أحكامه لا يأمن أن يعتقد في بعضها خلاف ما هي عليه، ولا ينزهه عما لا يجوز أن ياضف إليه، فيهلك من حيث لا يدري، ويسقط في هوة الدرك الأسفل من النار، إذ ظن الباطل به واعتقاده ما لا يجوز عليه يحل صاحبه دار البوار.

وقداستدل بعض الأئمة على عصمتهم من الصغائر، بالمصير إلى امتثال


على حفظ ما ذكر من تنزيه قدره عما ذكر، كحرص البخيل على ما في يده لشدة بخله وخوفه من ذهابه، وفيه مع اليمين مراعاة النظير، وفسر بالقوة ولا يناسب هنا، "فإن من يجهل ما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم" اعتقاده، "أو يجوز أو يستحيل عليه" أي: يمتنع في حقه شرعًا وعقلًا وعادة، "ولا يعرف صور أحكامه" أي: الحكم المتصور في حقه من وجوب وجواز وحرمه، "لا يأمن أن يعتقد في بعضها خلاف ما هي عليه"، فيقع فيما لا يجوز اعتقاده، "ولا ينزهه عما لا يجوز أن يضاف" أي: ينسب "إليه" ويوصف به، "فيهلك" أي: يقع في أمر هو سبب هلاكه في الدارين "من حيث لا يدري" لجهله، "ويسقط في هوة" "بضم الهاء وشد الواو"، وهو العميق، كالبئر "الدرك" "بفتحتين"، وقد تسكن الراء ما ينزل به إلى "الأسفل" من دركات المنازل "من النار" أي: نار جهنم، فالتعريف للعهد، وهي هنا مجاز عن محلها، ويستعمل كثيرًا بهذا المعنى، وهو عبارة عن قابه أشد العقاب في الآخرة بسبب ما ذكره، ولذا علله بقوله: "إذ ظن الباطل به" أي: ما لا يصح في حقه "واعتقاده" على طريق الجزم "ما لا يجوز عليه" شرعًا وعقلًا، "يحل" "بضم الياء وكسر الحاء وشد اللام"، وفاعله ضمير ما ذكر من الظن والاعتقاد، أي: يحل "صاحبه" أي: ذلك الاعتقاد "دار البوار" "بفتح الموحدة" الهلاك، يعني جهنم، هو من أسمائها، أي: يجعله حالاً فيها، وضبط البرهان يحل، بفتح أوله وضم ثانيه، وصاحبه فاعل، وهو جائز أيضًا، وطلب الرواية في مثل هذا عناء بلا طائل، فنطق عياض باحد الضبطين لا يمنع الثاني، فهو كلام لا حديث يمنع بغير ما روي به.
قال: في الشفاءك ولهذا احتاط على الرجلين اللذين رأياه ليلًا في المسد مع صفيه، فقال لهما: إنها صفية، ثم قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا فتهلكا، ثم قال بعد طول جوز جماعة من السلف ويغرهم من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين الصغائر على الانبياء، وذهب طائفة إلى الوقف، وذهب المحققون من الفقهاء والمتكلمين إلى عصمتهم منها كالكبائر، ثم بعد كلام قليل ما حكاه المصنف، بقوله: "وقد استدل بعض الأئمة على عصمتهم من الصغائر بالمصير إلى امتثال أفعالهم"، أي: فعل مثلها اقتداء بهم، فلو وقع ذلك منهم، أو جاز فعله الناس، وظنوه شرعًا، فلذا عصموا

<<  <  ج: ص:  >  >>