للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفعالهم واتباع آثارهم وسيرتهم مطلقًا، وجمهور الفقهاء على ذلك من أصحاب ملك والشافعي وأبي حنيفة من غير التزام قرينة بل مطلقًا عند بعضهم، وإن اختلفوا في حكم ذلك، فلو جوزنا عليهم الصغائر لم يمكن الاقتداء بهم في أفعالهم، غذ ليس كل فعل من أفعاله يتميز مقصده من القربة والإباحة والظر والمعصية، انتهى.

واختلف في تفسير هذه الآية على وجوه كثيرة:

أحدها: أي وجد ضالًا عن معالم النبوةب، وهو مروي عن ابن عباس


منها، لأن ذنب العظيم عظيم، وإن قال: "واتباع آثارهم وسيرتهم مطلقًا" سواء كانت ضرورية أم جبلية، كالقيام والقعود، والأككل والشرب، فإنا نتأسى بهم، وفيه، وإن كان مباحًا أرجح من الظاهر، "وجمهور الفقهاء على ذلك"، أي: اتباع آثارهم مطلقًا إن لم يعلم أنه خصوصية لهم "من أصحاب" أي: كبار مذهب "ملك والشافعي، وأبي حنيفة، من غير التزام" قيام "قرينة" تدل على أنه فعله للتشريع والاقتداء به فيه "بل" يقتصدي بفعله "مطلقًا" من غير التزام قرينة المشروعية "عند بعضهم، وان اختلفوا" بعد القول "في حكم ذلك"، فذهب كثير من الفقهاء والمحدثين وأكثر الشافعية إلى استحباب اتباعه في الأمور الجبلية، كغيرها.
وذهبجماعة إعلى أنه مباح أحسن من غيره، وحكى أبو الفرج، وابن خويز منداد عن ملك، الوجوب، وبه قال أكثر أصحابنا، وأكثر أهل العراق، وابن سريج والاصطخري، وابن خيران، عن الشافعية، هذا ملخص ما حذفه المصنف من الشفاء قبل موته: "إذ ليس كل فعل من أفعاله" كغيره منهم "يتميز مقصده" أي: ما قصده به "من القربة" بأن يكون واجبًا أو مندوبًا، "والإباحة" بأن لا يترتب عليه ثواب، ولا عقاب، أو مدح، أو ذم، "والحظر" بالمشالة، أي: المنع شرعًا، لكونه محرمًا أو مكروهًا، أو خلاف الأولى والمكروه "انتهى" ما نقهل عن عياض.
وقال عقبة: ولا يصح أن يؤمر المرء بامتثال أمر لعله معصية، لا سيما على من يرى تقديم الفعل على القول إذا تعراضا، وما كان ينبغي للمصنف حذف هذا، لأنه من جملة الدليل وما كان يزيد به الكتاب، "واختلف في تفسير هذه الآية على وجوه كثيرة".
"أحدها: أي: وجدك ضالًا عن معالم النبو" أي: مظانها وهي ما أنزل عليه من القرآن وغيره، وما ظهر عليه من الآيات، فالمعالم، جمع معلم مظنة الشيء وما يستدل به عليه، كما في القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>