"التاسع: أي: وجدك متحيرًا" واقعًا في الحيرة " في بيان ما أنزل إليك" من القرآن، "فهداك لبيانه" بإظهاره وبيان ما خص من معانيه في حال تبليغه لأمته، "كقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} القرآن لما فيه من التذكير والمواعظ {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] الآية، مما خفي عليهم، فالضلال التحير فيما شق عليه في ابتداء أمره، "وهذا مروي عن الجنيد" أبي القسم بن محمد النهاوندي، شيخ المشايخ، العلم المشهور رحمه الله. "العاشر: عن علي أمير المؤمنين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما هممت بفتح الميم الأولى بابه نصر، وهو أول العزم "بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون" ضمنه معنى يتمسكون، فعداه "به" أو الباء زائدة في المفعول "غير مرتين، كل ذلك يحول": يحجز ويمنع "الله بيني وبين ما أريد" من ذلك، "ثم ما هممت بعدهما بشيء حتى أكرمني الله برسالته" وبين المرتين، فقال: "قلت ليلة لغلام من قريش كان يرعى غنمًا بأعلى مكة" لبعض قريش: أود "لو حفظت لي غنمي" فلو لتتمني ما لها جواب أو محذوف، أي: لكان ذلك جميلًا منك "حتى أدخل مكة" وصريحه أنه رعاها قبل البعثة. ويؤيده حديث أبي هريرة عند البخاري مرفوعًا: ما بعث الله نبيًا إلا رعي الغنم، فقال أصحابه: وأنت؟، قال: كنت أرعاها قراريط لأهل مكة. وفي رواية ابن ماجة: كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط، قال المصنف: كغيره، والحكمة في إلهامهم ذلك قبل النبوة ليحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم، انتهى.