للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاسع: أي وجدك متحيرًا في بيان ما أنزل إاليك، فهداك لبيانه، كقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] وهذا مروي عن الجنيد.

العاشر: عن علي أمير المؤمنين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد، ثم ما هممت بعدهما بشيء حتى أكرمني الله برسالته. قلت ليلة الغلام من قريش كان يرعى غنما بأعلى مكة، لو حفظت لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر بها كما


"وإلى إرشادهم" أفعال من الرشد ضد الغي وهو قريب من الهداية، كما قال الراغب، وأفاد بقوله: فعصمك أنه من قبل الشرع ولم يستفد هذا من الخامس، فبهذا غايره ولا يرد أن قوله فيه فهداهم بشرعك يفيد عصمته لاستحالة أن يهديهم مع موافقتهم، لأن شرعه متأخر، فقد كان بينهم قبله أربعين سنة، ثم هذا التأويل مروي عن السدي وغير واحد، كما قال عياض: فالضلال بمعناه المشهور، وليس متصفًا به، ولكونه بين أهله أطلق عليه مجاز العلاقة المجاورة.
"التاسع: أي: وجدك متحيرًا" واقعًا في الحيرة " في بيان ما أنزل إليك" من القرآن، "فهداك لبيانه" بإظهاره وبيان ما خص من معانيه في حال تبليغه لأمته، "كقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} القرآن لما فيه من التذكير والمواعظ {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] الآية، مما خفي عليهم، فالضلال التحير فيما شق عليه في ابتداء أمره، "وهذا مروي عن الجنيد" أبي القسم بن محمد النهاوندي، شيخ المشايخ، العلم المشهور رحمه الله.
"العاشر: عن علي أمير المؤمنين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ما هممت بفتح الميم الأولى بابه نصر، وهو أول العزم "بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون" ضمنه معنى يتمسكون، فعداه "به" أو الباء زائدة في المفعول "غير مرتين، كل ذلك يحول": يحجز ويمنع "الله بيني وبين ما أريد" من ذلك، "ثم ما هممت بعدهما بشيء حتى أكرمني الله برسالته" وبين المرتين، فقال: "قلت ليلة لغلام من قريش كان يرعى غنمًا بأعلى مكة" لبعض قريش: أود "لو حفظت لي غنمي" فلو لتتمني ما لها جواب أو محذوف، أي: لكان ذلك جميلًا منك "حتى أدخل مكة" وصريحه أنه رعاها قبل البعثة. ويؤيده حديث أبي هريرة عند البخاري مرفوعًا: ما بعث الله نبيًا إلا رعي الغنم، فقال أصحابه: وأنت؟، قال: كنت أرعاها قراريط لأهل مكة.
وفي رواية ابن ماجة: كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط، قال المصنف: كغيره، والحكمة في إلهامهم ذلك قبل النبوة ليحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>