للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جاورت بحراء شهرًا، فلما قضيت جواري هبطت، فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، ونظرت خلفي فلم أر شيئًا، فرفعت رأسي فرأيت شيئًا فلم أثبت له, فأتيت خديجة فقلت: دثروني دثروني وصبوا عليّ ماء باردًا" , فنزلت: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ


السلام بعد النبوة، قال السهيلي: الأظهر أنهما نطقا بذلك حقيقة وليست الحياة والعلم والإرادة شرطًا له؛ لأنه صوت وهو عرض عند الأكثر لا جسم؛ كما زعم النظام، وإن قدر الكلام صفة قائمة بنفس الشجر والحجر فلا بد من شرط الحياة والعلم مع الكلام فيكونان مؤمنين به، ويحتمل أنه مضاف في الحقيقة إلى ملائكة يسكنون تلك الأماكن، فهو مجاز؛ كاسأل القرية، وفي كلها علم على النبوة لكن لا يسمى معجزة إلا ما تحدى به الخلق، فعجزوا عن معارضته، انتهى ملخصًا.
"وعن جابر" بن عبد الله الأنصاري الخزرجي الصحابي ابن الصحابي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "جاورت بحراء" أقمت فيه، والفرق بينه وبين الاعتكاف أنه لا يكون إلا داخل المسجد، والجوار قد يكون خارجه، قاله ابن عبد البر وغيره ولذا لم يسمه اعتكافًا؛ لأن حراء ليس من المسجد. "شهرًا" في مدة الفترة غير الشهر الذي نزل عليه فيه جبريل بسورة {اقْرَأْ} [العلق: ١] ، ففي مرسل عبيد بن عمير عند البيهقي أنه كان يجاور في كل سنة شهرًا وهو رمضان، فلا حجة في الحديث على أن أول ما نزل المدثر.
"فلما قضيت جواري" بكسر الجيم وخفة الواو، أي: مجاورتي، "هبطت" وفي مسلم: "نزلت، فاستبطنت بطن الوادي"، أي: صرت في باطنه، "فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، ونظرت خلفي فلم أر شيئًا، فرفعت رأسي فرأيت شيئًا" هو جبريل؛ كما قال في بدء الوحي. والتفسير: فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، وهو معنى رواية التفسير أيضًا: وهو جالس على عرش بين السماء والأض، "فلم أثبت له" وفي بدء الوحي: فرعبت منه، قال الحافظ: فدل على بقية بقيت معه من الفزع الأول، ثم زالت بالتدريج، "فأتيت خديجة، فقلت: دثروني دثروني" مرتين هكذا في الصحيحين في التفسير. وفي البخاري في بدء الوحي: "زملوني زملوني" والأول أولى، لاتفاقهما عليه ولأنها، كما قال الزركشي: أنسب بنزول المدثر.
"وصبوا علي ماء باردًا" أي: على جميع بدني على ظاهره "فنزلت" أيناسا له وإعلامًا بعظيم قدره وتلطفًا، {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١] ، بثيابه، قاله الجمهور. وعن عكرمة: بالنبوة وأعبائها، {قُمْ} [المدثر: ٢] من مضجعك أو هو مجاز، أي: قم مقام تصميم،

<<  <  ج: ص:  >  >>