للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} : أي يكثر القتل ويبالغ فيه حتى يذل الكفر ويقل حزبه، ويعز الغسلام ويستولي أهله.

وليس في هذا إلزام ذنب للنبي صلى الله عليه وسلم بل فيه بيان ما خص به وفضل من بين سائر الأنبياء عليه الصلاة والسلام فكأنه عز وجل قال: ما كان هذا لنبي غيرك كما قال عليه الصلاة والسلام: "أحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي".

وأما قوله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} فقيل المراد بالخطاب من أراد


عَذَابٌ عَظِيمٌ، فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فقالك صلى الله عليه وسلم: إن كان ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم، ولو نزل العذاب ما أفلت منه إلا ابن الخطاب، وقوله: {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} أيك يكثر القتل ويبالغ فيه، حتى يذل الكفر ويقل حزبه، ويعز الإسلام ويستولي أهله" على البلاد ويل: معنى يثخن: يتمكن في الأرضن وما كان نفي للكون، وجاء بمعنى لا يليق ولا ينبغي أن يأتي به، وبه سر المستدل بالآية على الصغائر وقد رده، بقوله: "وليس في هذا إلزام ذنب للنبي صلى الله عليه وسلم، بل فيه بيان ما خص به" إكرامًا له، "وفضل به من بين سائر" باقي"الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فكأنه عز وجل، قال: ما كان هذا؟ " أي: لم يقع "لنبي غيرك، كما قال عليه الصلاة والسلام: أحلت لي الغنائم".
وفي رواية المغانم: "ولم تحل لنبي قبلي"، قيل: ليس في الآية دليل على ما قال المصنف، بخلاف الحديث، ورد بأن الفداء في معنى الغنائم، لأنه مال مأخوذ من الكفرة، فذكرل الحديث إشارة إلى أنه يؤيد هذا التأويل، وفي المسائل الأربعين للرازي، العتاب وقع هنا على ترك الأولى، لأن الأفضل في ذلك الوقت الإثخان وترك الفداء قطعًا للأطماع، ولوا أنه خلاف الأولى، ما فوضه صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وفي حواشيه للقرافي الصواب إنه فوض الاجتهاد في أمر الاسرى له، ففوضه لأصحابه، فرأى عمر القتل، وكان هو المصلحة، وهو من إحدى موافقاته، واجتهاد الصحابة لم يؤد للمصلحة، فخلص عمر ولم يؤاخذ النبي صلى الله عليه وسلم لبذل جهده في اجتهاده، فله الأجر.
ولذا قال: عرض علي عذابكم دون عذابي، لخروجه عن موجبه ببذل جهده وإلى هذا ذهب فحول العلماء جمعًا بين ظاهر الاية وما يجب لمقامه صلى الله عليه وسلم من العصمة، وأما قوله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ} "فقيل" في الجواب: "المراد بالخطاب من أراد ذلك منهم" أي: الصحابة: "وتجرد": خلص

<<  <  ج: ص:  >  >>