للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك منهم وتجرد غرضه لعرض الدنيا وحده، والاستكثار منها، وليس المراد بهذا النبي صلى الله عليه وسلم ولا عليه أصحابه.

بل قد روي عن الضحاك أنها نزلت حين انهزم المشركون يوم بدر واشتغل الناس بالسلب وجمع الغنائم عن القتال حتى خشي عمر أن يعطف عليهم العدو.

ثم قال تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} فاختلف المفسرون في معنى هذه الآية:

فقيل معناه: لولا أنه سبق مني أن لا أعذب أحدًا إلا بعد النهي لعذبتكم، فهذا ينفي أن يكون أمر الأسرى معصية.

وقيل: لولا إيمانكم بالقرآن وهو الكتاب السابق، فاستوجبتم به الصفح لعوقبتم على الغنائم.


وتمحض "غرضه" بمعجمتين، أي: قصده "لعرض" بمهملة "الدنيا وحده"، أي: منفردًا عن قصد ثواب الآخرة، وهو مؤكد لما قبله، "والاستكثار منها" بأخذ ما يناله، "وليس المراد بهذا" الخطاب "النبي صلى الله عليه وسلم" لشرف نفسه عن النظر لها، "ولا عليه" "بكسر العين وإسكان اللام وخفة الياء"، أي: معظم "أصحابه" كأبي بكر، وأن أشار بالفداء، فلرجاء الإسلام والتقوى على الكفار ومراعاة القرابة، كما مر، "بل" إضراب انتقالي.
"قد روى عن الضحاك أنها نزلت حين انهزم المشركون يوم بدر، واشتغل الناس بالسلب" "بفتحتين" ما يسلب، أي: يؤخذ من القتلى من لباس ونحوه، "وجمع الغنائم عن القتال" متعلق باشتغل "حتى خشي عمر أن يعطف" يرجع "عليهم العدو" كارًا، "ثم قال تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: ٦٨] ، تقدم على هذه القصة بإحلال الغنائم والاسرى لكم {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٦٨] ، "فاختلف المفسرون" في معنى هذه الأية، فإن أردت بيان معناه "فقيل: معناه" كما نقله الطبري عن محمد بن علي بن الحسين "لولا أنه سبق مني أن لا أعذب أحدًا إلا بعد النهي لعذبتكم" على ما أخذت من الفداء، إذ لو كان منهيًا عنه محرمًا لاستحق بمخالفته العذاب، فامراد بالكتاب حكم الله الذي كتبه وقدهر، "فهذا" التفسير "ينفي": يمنع "أن يكون أمر الأسرى" أي: فداؤهم "معصية لعدم النهي عنه.
"وقيل": المعنى "لولا إيمانكم بالقرآن، وهو الكتاب السابق"، المراد في قوله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} ، "فاستوجبتم به الصفح": عدم المؤاخذة "لعوقبتم على" أخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>