قال عياض: ويزاد هذا القول تفسيرًا وبيانًا بأن يقال: لولا ما كنتم مؤمنين بالقرآن، وكنتم ممن أحلت لهم الغنائم لعوقبتم كما عوقب من تعدى، أي: تجاوز ما نهى عنه، فالكتاب على هذا القرآن وسبقه تقدمه أزلًا، أو لتقدم ما نزل. "وقيل: لولا أنه سبق في اللوح المحفوظ" المكتوب فيه جميع ما هو كائن، "إنها" أي: الغنائم "حلال لكم" الانتفاع بها والتصرف فيها، "لعوقبتم"على أخذها، "وهذا كله ينفي الذنب والمعصية، لأن من فعل ما أحل له لم يعص"، فلا دليل فيها على تجويز الصغائر على الأنبياء، وأصرح من ذلك ما قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفعال: ٦٩] ، أي: انتفعوا به لا خصوص الأكل وذكره لكثرته وغلبته واستدل به الأكثر على أن الأمر الوارد بعد الحظر للإباحة. "وقيل: بل كان عليه الصلاة والسلام قد خير في ذلك" أخذ الفداء والقتل فلما أخذ قيل كان الأولى خلافه، "و" يدل على أنه خير أنه "قد روى" عن الترمذي والنسائي وابن حبان والحكم، بإسناد صحيح، فما كان ينبغي تعبيره. يروى: "عن علي، قال: جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر" أي: زمنه، "فقال: خير أصحابك في الأسارى أن شاؤا الفداء"فليفدوا "على أن يقتل منهم في العام المقبل" التالي لهذا العام أي: إن الله قدر عليهم إن أخذوا الفدا يقتل من الصحابة "مثلهم" سبعين، "فقالوا": نختار "الفداء، ويقتل منا" مثلهم رغبة في الشهادة. وعند ابن سعد من مرسل قتادة، فقالوا: بل نفاديهم فنقوى به عليهم، ويدخل القابل منا الجنة سبعون، ففادوهم، "وهذا دليل على أنههم لم يفعلوا إلا ما أذن لهم فيه" فلا ذنب