للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راكن إلى أعدائه ومتقول عليه تعالى من قبل نفسه لم يعبأ به كأرباب البدع ونحوهم؟

فالجواب: أنه لا تنافي بين الأمرين، فإن من كملت عليه نعمة الله، واختصه منها بما لم يختص به غيره، وأعطاه منها ما لم يعط غيره، فحباه بالأنعام وخصه بمزيد القرب والإكرام اقتضت حاله من حفظ مرتبة القرب والولاية والاختصاص أن يراعي مرتبته من أدنى تشويش وقاطع، فلشدة الاعتناء به ومزيد تقريبه واتخاذه لنفسه واصطفائه على غيره تكون حقوق وليه وسيده عليه أتم ونعمه عليه أكمل وأعم، فالمطلوب منه فوق المطلوب من غيره، فهو إذاغفل أو أخل بمقتضى مرتبته نبه بما لم ينبه عليه البعيد، مع كونه يسامح بما لم يسامح به ذلك البعيد أيضًا، فيجتمع في حقه الأمران، وإذا أردت معرفة اجتماعهما وعدم تناقضهما فالواقع شاهد بذلك، فإن الملك يسامح خاصته وأولياءه بما لم يسامح به من ليس في منزلتهم، ويؤاخذ بما لا يؤاخذ به غيرهم، وأنت إذا كان لك عبدان أو ولدان أحدهما أحب إليك من الآخر وأقرب إلى قلبك وأعز عليك عاملته بهذين الأمرين،


حقيقة، فضلًا عن مقاربته "ومتقول" "بكسر الواو، اسم فاعل كاذب" "عليه تعالى من قبل" جهة "نفسه لم يعبأ" لم يبال "به، كاربابالبدع ونحوهم" من الخوارج وغيرهم.
"فالجواب، أنه لا تنافي بين الأمرين، فإن من كملت عليه نعمة الله، واختصه منها بما لم يختص به غيره، وأعطاه منها ما لم يعط غيره، فحباه" "بموحده" "بالأنعام، وخصه بمزيد القرب" المعنوي "والإكرام" وهذا بمعنى ما قبله، فهو اطناب" "اقتضت حاله من حفظ مرتبة القرب والولاية، والاختصاص أن يراعي مرتبته، فيباعد نفسه "من أدنى": أقل "تشويش وقاطع" عن الله، "فلشدة الاعناء به ومزيد تقيبه، واتخاذه لنفسه، واصطفائه": اختياره "على غيره، تكون حقوقه وليوسيدهعليه أتم، ونعمه عليه أكمل وأعم" من غيره "فالمطلوب منه فوق المطلوب من غيره، فهو إذا غفل" "بفتح الفاء، كنصر، وفي لغة بكسرها"، "أو أخل بمقتضى مرتبته" منزلته السنية، "نبه بما لم ينب عليه البعيد، مع كونه يسامح بما لم يسامح به ذلك البعيد أيضًا، فيجتمع في حقه الأمران" عظم مايصدر منه لمنافاته لمرتبته، والمسامحة لمحبته وشدة نصحه لمحبوبه، وإذا أردت معرفة اجتماعهما وعدما تناقضهما، فالواقع" في عرف الآدميين "شاهد بذلك، فإن الملك" السلطان "يسامح خصاته وأولياءه" الموالين له والمعاضدين "بما لم يسامح به من ليس في منزلتهم، ويؤاخذ بما لم يؤاخذ به غيرهم" ممن دونهم "وأنت كان لك عبدان أو ولدان، أحدهما: أحب إليك من الآخر وأقرب إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>