"وكذا روى شق صدره الشريف هنا" عند مجيء الوحي، "أيضًا" وفاعل روى "الطيالسي" أبو داود سليمان بن الجارود البصري الحافظ الثقة كثير الحديث، روى عن ابن عون وشعبة وخلق، وعنه أحمد وابن المديني وغيرهما، علق له البخاري، وأخرج له مسلم والأربعة توفي سنة ثلاث أو أربع ومائتين عن اثنتين وسبعين سنة، "والحارث" بن محمد بن أبي أسامة واسمه داهر الحافظ أبو محمد التميمي البغدادي ولد سنة ست وثمانين ومائة، وسمع يزيد بن هارون وغيره وعنه ابن جرير والطبري وعدة، وثقه ابن حبان والحربي مع علمه بأنه يأخذ على الرواية، وضعفه الأزدي وابن حزم، وقال الدارقطني: صدوق، وأما أخذه على الرواية فكان فقيرًا كثير البنات، توفي يوم عرفة سنة اثنتين وثمانين ومائتين. "في مسنديهما" والبيهقي وأبو نعيم في دلائلهما كلهم عن عائشة: "أنه صلى الله عليه وسلم نذر أن يعتكف شهرًا هو وخديجة فوافق ذلك شهر رمضان، فخرج ذات ليلة، فقال: "السلام عليك، قال: فظننت أنها فجأة الجن، فجئت مسرعًا حتى دخلت على خديجة، فقالت: ما شأنك؟ فأخبرتها فقالت: أبشر فإن السلام خير، ثم خرجت مرة أخرى فإذا أنا بجبريل على الشمس جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب، فهلت منه فجئت مسرعًا؛ فإذا هو بيني وبين الباب، فكلمني حتى أنست منه، ثم وعدني موعدًا فجئت له فأبطأ عليّ، فأردت أن أرجع فإذا أنا به وبميكائيل قد سد الأفق، فهبط جبريل وبقي ميكائيل بين السماء والأرض فأخذني جبريل فألقاني لحلاوة القفا، ثم شق عن قلبي فاستخرجه ثم استخرج منه ما شاء الله أن يستخرج، ثم غسله في طست من ماء زمزم، ثم أعاده مكانه، ثم لأمه ثم كفأني كما يكفأ الإناء، ثم ختم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي". "والحكمة فيه" أي: الشق، حينئذ هي كما قال في الفتح "ليتلقى النبي صلى الله عليه وسلم ما يوحي إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير." وهذا الشق ثالث مرة، والأولى: عند حليمة، والثانية: وهو ابن عشر سنين، والرابعة: ليلة الإسراء، ولم تثبت الخامسة، كما مر ذلك مبسوطًا.