للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن علامات محبته عليه الصلاة والسلام نصر دينه بالقول والفعل، والذب عن شريعته، والتخلق بأخلاقه في الجود والإيثار، والحلم والصبر والتواضع وغيرها، مما ذكرته في أخلاقه العظيمة، وتقدم في كلام العارف ابن عطاء الله مزيد لذلك قريبًا. فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان، ومن وجدها استلذ الطاعات، وتحمل المشاق في الدين، وآثر ذلك على أغراض الدنيا الفانية يا هذا أول نقدة من أثمان المحبة بذل الروح فما للمفلس الجبان وسومها بدم المحب يباع وصلهم تالله ما هزلت فيستامها المفلسون ولا كسدت فينفقها بالنسيئة المعسرون لقد أسيمت للعرض في سوق من يزيد فلم يرض لها بثمن دون بذل النفوس فتأخر الباطلون وقام المحبون ينظرون أيهم يصلح أن يكون ثمنًا فدارت السلعة


عن حضرة قدسه"، فصار يعبد الله كأنه يراه، "ومن كان معه بلا اختيار" لشيء تميل إليه نفسه، مخالف لما طلب منه، "ظهرت له خفايا: حقائق أسرار أنسه، ومن علامات محبته عليه الصلاة والسلام نصر دينه بالقول والفعل" مجاهدة الكفار لإعلاء كلمة الله "والذب": "بمعجمة وموحدة" المنع والطرد "عن شريعته" برد ما يخالفها ودفع الشبه الواردة عليها، وتفسير أحاديثه وبيانها، والانقياد لها، "والتخلق بأخلاقه في الجود" فقد كان أجود الناس، "والإيثار" تقديم الغير عليه في أمور الدنيا، "والحلم، والصبر، والتواضع" فقد بلغ في كل منها الغاية القصوى، أفلا أقل من التخلق به في بعضها:
ومتى تفعل الكثير من الخير إذا كنت تاركًا لأقله
"وغيرها مما ذكرته في أخلاقه العظيمة، وتقدم في كلام العارف ابن عطاء الله مزيد لذلك قريبًا" جدًّا فوق هذا، "فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان، ومن وجدها استلذ الطاعات، وتحمل المشاق في الدين، وآثر ذلك على أعراض الدنيا الفانية، يا هذا أول نقده من أثمان المحبة بذل الروح".
سئل الجنيد عن العشق، فقال: لا أدري ما هو، لكن رأيت رجلًا أعمى عشق صبيًّا، وكان الصبي لا ينقاد له، فقال الأعمى: يا حبيبي إيش تريد مني؟ قال: روحك، ففارق روحه حالًا، "فما للمفلس الجبان" ضعيف القلب "وسومها": طلب شرائها "بدم المحب، يباع وصلهم" الأحباب، "تالله ما هزلت": ضعفت، "فيستامها" يقال: سام واستام، بمعنى "المفلسون، ولا كسدت" بفتحتين"، لم تنفق لقلة الرغبات فيها، "فينفقها": يروجها "بالنسيئة" التأخير "المعسرون" الفقراء، "لقد أسميت للعرض في سوق من يزيد، فلم يرض لها بثمن دون بذل

<<  <  ج: ص:  >  >>