"ثم مرتبة أخرى، وهي العلم الذي يلقيه الله تعالى في قلبه وعلى لسانه عند الاجتهاد في الأحكام" على القول بأنه يجتهد، وإنما عد اجتهاده من مراتب الوحي؛ "لأنه اتفق على أنه عليه الصلاة والسلام إذا اجتهد أصاب قطعًا" إما لظهور الحق له ابتداء، وإما بالتنبيه عليه إن فرض خلافه فلا يقدح فيه القول بجواز وقوع الخطأ في اجتهاده، لكن لا يقر عليه. "وكان معصومًا من الخطأ" فلا يقع منه أصلا على الصحيح، "وهذا خرق لعادة في حقه دون الأمة، وهو" أي: العلم الحاصل بالاجتهاد، "يفارق النفث" أي: ما يحصل به، "في الروع" فالمشبه به ليس نفي النفث؛ لأنه إلقاء الملك في الروع ولا يحسن تشبيه العلم به. "من حيث حصوله بالاجتهاد و" حصول "النفث" أي: أثره؛ لأنه الحاصل في الروع "بدونه" أي: الاجتهاد، "ومرتبة أخرى، وهي: مجيء جبريل في صورة رجل غير دحية" كما في الصحيحين عن أبي هريرة: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارز للناس فأتاه رجل فقال: ما الإيمان ... الحديث، وفي رواية: فأتاه جبريل، وفي آخره: "هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم". ورواه مسلم أيضًا عن عمر، بلفظ: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذا طلع علينا رجل شديد بياض الثياب