للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت مدة فترة الوحي ثلاث سنين، كما جزم به ابن إسحاق وفي تاريخ الإمام أحمد ويعقوب بن سفيان عن الشعبي: أنزل عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، وكان يعلمه الكلمة والشيء ولم ينزل عليه القرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل عليه السلام، فنزل عليه القرآن على لسانه عشرين سنة، وكذا رواه ابن سعد والبيهقي.


المذكور آخر الحديث السابق.
"وكانت مدة فترة الوحي ثلاث سنين" قال السهيلي: جاء في بعض الأحاديث المسندة أنها سنتان ونصف، وفي رواية أخرى: أن مدة الرؤيا ستة أشهر، فمن قال: مكث بمكة عشرًا حذف مدة الرؤيا والفترة، ومن قال: ثلاث عشرة أضافهما، قال في الفتح: ولا يثبت وقد عارضه ما جاء عن ابن عباس أن مدة الفترة كانت أيامًا، انتهى. وقال مغلطاي في الزهر: يخدش فيه ما في تفسير ابن عباس إنها كانت أربعين يومًا.
وفي تفسير ابن الجوزي ومعاني الزجاج: خمسة عشر. وفي تفسير مقاتل: ثلاثة أيام، ولعل هذا هو الأشبه بحاله عند ربه، لا ما ذكره السهيلي، وجنح لصحته، انتهى. وعلى فرض الصحة جمع بأنها كانت سنتين ونصفًا، فمن قال: ثلاثة جبر الكسر، ومن قال: سنتان ألغاه، والمراد بأربعين فما دونها: إن مدة الانقطاع بحيث لا يأتيه فيها إسرافيل ولا جبريل اختلفت؛ فأقلها ثلاثة أيام وأكثرها أربعون، وفي بعضها: خمسة عشر، وبعضها: اثنا عشر.
وقوله: "كما جزم به" أي: بأنها ثلاث سنين، "ابن إسحاق" مخالف لقول العيون تبعًا للروض وفترة الوحي لم يذكر لها ابن إسحاق مدة معينة، انتهى.
وهو الصواب، وتبع المصنف في ذلك الحافظ كما تبعه السيوطي ورد على الثلاثة جميعًا بالصراحة الشامي، فقال: هذا وهم بلا شك وعزو ذلك بالجزم لابن إسحاق أشد، انتهى. "و" دليل كونها ثلاث سنين ما "في تاريخ الإمام أحمد" بن حنبل "ويعقوب بن سفيان" الحافظ "عن الشعبي" عامر بن شراحيل التابعي، أنه قال: "أنزل عليه" صلى الله عليه سلم "النبوة وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، وكان يعلمه الكلمة" اللفظ الذي يخاطبه به، "والشيء" لأفعال الآداب التي يعلمها له، "ولم ينزل عليه القرآن على لسانه" لأن إنزال الكتب الإلهية من خصائص جبريل.
"فما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل عليه السلام، فنزل عليه القرآن" وغيره "على لسانه" ومر أنه خص القرآن بالذكر لاختصاص جبريل به، "عشرين سنة، وكذا رواه" أي: أثر الشعبي "ابن سعد والبيهقي" وأثر الشعبي هذا وإن صح إسناده إليه مرسل أو معضل وكلاهما

<<  <  ج: ص:  >  >>