للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد تبين أن نبوته عليه الصلاة والسلام كانت متقدمة على إرساله، كما قال أبو عمر..................


من أقسام الضعيف وقد أنكره الواقدي، وقال: لم يكرم به من الملائكة إلا جبريل، قال الشامي: وهو المعتمد، انتهى.
وتوقف الحافظ فيه بأن المثبت مقدم على النافي إن لم يصحبه دليل نفيه، وجوابه قول الحافظ السيوطي: قد ورد ما يوهي أثر الشعبي، وهو ما أخرجه مسلم والنسائي والحاكم عن أبي عباس، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده جبريل إذ سمع نقيضًا من السماء من فوق فرفع جبريل طرفه إلى السماء، فقال: يا محمد! هذا ملك قد نزل لم ينزل إلى الأرض قط، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة.
قال جماعة من العلماء: هذا الملك إسرافيل، وأخرج الطبراني عن ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد هبط علي ملك من السماء ما هبط على نبي قبلي ولا يهبط على أحد بعدي، وهو إسرافيل، فقال: أنا رسول ربي إليك، أمرني أن أخبرك إن شئت نبيًا عبدًا وإن شئت نبيًا ملكًا، فنظرت إلى جبريل فأومأ إلي أن تواضع، فلو أني قلت: نبيًا ملكًا لسارت معي الجبال ذهبًا"، قال: وهاتان القضيتان بعد ابتداء الوحي بسنين كما يعرف من سائر طرق الأحاديث وهما ظاهرتان في أن إسرافيل لم ينزل إليه قبل ذلك، فكيف يصح قول الشعبي أنه اتاه في ابتداء الوحي؟ انتهى.
وفي شرح البخاري للمصنف تبعًا للفتح قول الشعبي: معارض بما روي عن ابن عباس أن الفترة المذكورة كانت أيامًا قلائل فلا يحتج بمرسله لا سيما مع ما عارضه، انتهى. فلم تكن الفترة إلا أيامًا؛ كما قال مغلطاي: أنه الأشبه وصريح قوله في حديث البخاري المار: وفتر الوحي فترة حتى حزن حزنًا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل ... إلخ، وورد أنه لم ينقطع عنه كما مر، أي إلا أيامًا على أنه لو صح أن إسرافيل أتاه في الابتداء لم يمنع مجيء جبريل فكانا يختلفان في المجيء إليه زيادة إكرام له من ربه، وقد صرح في فتح الباري بأنه ليس المراد بفترة الوحي المقدرة بثلاث سنين بين نزول {اقْرَأْ} [العلق: ١] ، و {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١] ، عدم مجيء جبريل إليه بل تأخر نزول القرآن فقط. ا. هـ.
"فقد تبين" من جملة ما ساقه "أن نبوته عليه الصلاة والسلام كانت متقدمة على إرساله" لأن نزول {قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ٢] ، إنما كان بعد الفترة الواقعة بعد النبوة، "كما قال أبو عمر" بن

<<  <  ج: ص:  >  >>