للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره، كما حكاه أبو أسامة بن النقاش. وكان في نزول سورة {اقْرَأْ} نبوته، وفي سورة المدثر إرساله بالنذارة والبشارة والتشريع، وهذا قطعًا متأخر عن الأول، لأنه لما كانت سورة {اقْرَأْ} متضمنة لذكر أطوار الآدمي: من الخلق والتعليم والإفهام، ناسب أن تكون أول سورة أنزلت، وهذا هو الترتيب الطبيعي، وهو أن يذكر سبحانه وتعالى ما أسداه إلى نبيه عليه الصلاة والسلام من العلم والفهم والحكمة والنبوة، ويمن عليه بذلك في معرض تعريف عباده بما أسداه إليهم من نعمة البيان الفهمي والنطقي والخطي، ثم يأمره سبحانه وتعالى أن يقوم فينذر عباده.


عبد البر "وغيره؛ كما حكاه أبو أسامة بن النقاش، وكان" الأول الفاء؛ لأنه بيان لسبق نبوته، "في نزول سورة {اقْرَأْ} نبوته، وفي سورة المدثر إرساله بالنذارة والبشارة والتشريع، وهذا قطعًا متأخر عن الأول" فيفيد المدعي، وهو سبق النبوة؛ "لأنه لما كانت سورة اقرأ متضمنة لذكر أطوار" جمع طور، أي: أحوال، "الآدمي من الخلق والتعليم والإفهام ناسب أن تكون أول سورة أنزلت، وهذا هو الترتيب الطبيعي وهو أن يذكر سبحانه وتعالى ما أسداه إلى نبيه عليه الصلاة والسلام من العلم والفهم والحكمة والنبوة، ويمن عليه بذلك في معرض" بفتح الميم وكسر الراء، أي: موضع ظهوره "تعريف عباده بما أسداه" أوصله "إليهم من نعمة البيان الفهمي والنطقي والخطي، ثم يأمره سبحانه وتعالى أن يقوم فينذر عباده" فلهذه النكتة كانت النبوة سابقة، وقيل: هما متقارنان.
وذكر شيخنا فيما مر عن بعض شيوخه أنه الصحيح، قال: ويؤيده أن الوضوء والصلاة كانا أول الوحي مع نزول {اقْرَأْ} [العلق: ١] ، فإن مفاده أنه لم يأمر خديجة وعليًا بهما إلا بعد الوحي إليه بذلك، وهذا عين الرسالة وتأخر إظهارها لا يضر؛ لجواز أنه أمر بالتبليغ حالا لمن علم ابنه وعدم إبائه؛ كما كان يصلي مستخفيًا، "والله أعلم" بحقيقة ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>