للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحموم قطعة من جهنم، وقدر الله ظهورها بأسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذلك، كما أن أنواع الفرح واللذة من نعيم الجنة، أظهرها في هذه الدار عبرة ودلالة.

وقيل: الخبر ورد مورد التشبيه، والمعنى: أن حر الحمى شبيه بحر جهنم، تنبيهًا للنفوس على شدة حر النار، وأن هذه الحرارة الشديدة شبيهة بفيحها، وهو ما يصيب من قرب منها من حرها.

قوله "فأطفئوها" الحمى حظ المؤمن من النار.


المحموم قطعة من جهنم، وقدر الله ظهورها" في الدنيا "بأسباب تقتضيها" نذيرًا للجاحدين وبشيرًا للمقربين، "ليعتبر العباد بذلك" فالتعذيب بها يختلف باختلاف محله، فيكون للمؤمن تكفيرًا لذنوبه وزيادة في أجوره، وللكافر عقوبة وانتقامًا، وإنما طلب ابن عمر كشفه، كما في البخاري عقب هذا الحديث، قال نافع: وكان عبد الله يقول: اللهم اكشف عنا الرجز، أي العذاب مع ما فيه من الثواب لمشروعية طلب العافية من الله؛ إذ هو قادر على أن يكفر سيئات عبده ويعظم ثوابه من غير أن يصيبه شيء يشق عليه، "كما أن أنواع الفرح واللذة من نعيم الجنة أظهرها" الله سبحانه "في هذه الدار" الدنيا "عبرة" تذكيرًا ووعظًا "ودلالة" على ما عنده تعالى.
"وقيل: الخبر ورد مورد التشبيه والمعنى: أن حر الحمى شبيه بحر جهنم" في كونه مذيبًا للبدن ومعذبًا له، "تنبيهًا للنفوس على شدة حر النار، وإن هذه الحرارة الشديدة شبيهة بفيحها، وهو ما يصيب من قرب منها من حرها" لتتعظ النفوس فتبعد عن الأسباب الموجبة للنار.
زاد المصنف في شرح البخاري: والأول أولى، قال الطيبي: من ليست بيانية حتى تكون بسببها، كقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] ، فهي إما ابتدائية، أي الحمى نشأت وحصلت من فيح جهنم، أو تبعيضية، أي بعض منها، قال: ويدل لهذا التأويل ما في الصحيح: اشتكت النار إلى ربها، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فكما أن حرارة الصيف أثر من فيحها، كذلك الحمى حرارة غريزية تشتغل في القلب وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العرق إلى جميع البدن.
"قوله: فأطفئوها بهمزة قطع" مفتوحة "أمر من الإطفاء" الرباعي. "وروى الطبراني" مرفوعًا: "الحمى حظ المؤمن من النار" أي نار جهنم، فإذا ذاق لهيبها في الدنيا لا يذوق لهيب جهنم في الأخرى، أي أنها تكفر ما يوجب النار وتسهل عليه الورود حتى لا يشعر به

<<  <  ج: ص:  >  >>