قال ابن القيم: ليس المراد أنها هي نفس الورود المذكور في القرآن؛ لأن سياقه يأبى حمله على الحمى قطعًا؛ لأنه تعالى وعد عباده كلهم بورود النار، فالحمى للمؤمن تكفر خطاياه، فتسهل عليه الورود، فينجي منه سريعًا. انتهى. وهو رد لقول مجاهد في تفسير الآية: الحمى في الدنيا حظ المؤمن من الورود في الآخرة، رواه ابن أبي حاتم والبيهقي عنه، وقال الزين العراقي: إنما جعلت حظه من النار لما فيها من البرد والحر المغير للجسم، وهذه صفة جهنم، فهي تكفر الذنوب فتمنعه من دخول النار. انتهى. يعني دخول عذاب لا الورود، هذا ولفظ الطبراني في الأوسط، عن أنس مرفوعًا: "الحمى حظ أمتي من فيح جهنم" ورواه في الكبير عن أبي ريحانة، رفعه: "الحمى كير من جهنم، وهي نصيب المؤمن من النار". نعم، رواه ابن أبي الدنيا والعقيلي من حديث عثمان: "الحمى حظ المؤمن من النار يوم القيامة"، ورواه البزار عن عائشةٍ، والقضاعي والديلمي عن ابن مسعود، رفعه: "الحمى حظ كل مؤمن من النار"؛ وقول الحافظ أبي بكر بن العربي، قال بعض الغافلين: الحمى حظ المؤمن من النار، فهو مستثنى من هذا، أي الآية، فقال: وهذه غفلة عظيمة، بل لا بد لكل أحد من الصراط فتلقح النار قومًا، ونقف دون آخرين، والكل وارد عليها. انتهى. مراده أن جعل الحديث نفس الورود لمن حلت به الحمى، فستثنى من الآية من نزلت به غفلة بدليل فحوى كلامه، لا إنه لم يقف على الحديث، كما ظنه بعضهم فتعجب منه، بأن للحديث طرقًا عديدة لا تخفى على من له أدنى ممارسة بالحديث. "وفي رواية نافع عن ابن عمر عند الشيخين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الحمى أو شدة الحمى من فيح جهنم" الذي في البخاري في الطب، إنما هو باللفظ السابق من رواية مالك عن نافع، وفيه: قبله في صفة جهنم من بدء الخلق من رواية عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، مرفوعًا: "الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء": فإنما فيه أنه قال: فأبردوها بدل قوله في الأولى: فأطفئوها، وكذا رواه مسلم من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد الله، عن نافع بلفظ: فأبردوها، ورواه من طريق مالك عن نافع باللفظ الأول، وهو: فأطفئوها، وكذا رواه من طريق محمد بن زيد عن ابن عمر، ورواه من وجه آخر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن