للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.............................................


مرسل مثل موسى، فانسل أبو بكر حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم.
وروى ابن إسحاق بلاغًا: ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة ونظر وتردد، إلا ما كان من أبي بكر ما عكم عنه حين ذكرت له، قال ابن هشام قوله: ما عكم، أي: تلبث. قال في الروض: وكان من أسباب توفيق الله له أنه رأى القمر نزل مكة ثم تفرق على جميع منازلها وبيوتها فدخل في كل بيت منه شعبة، ثم كان جمعه في حجرة فقصها على بعض الكتابيين فعبرها له بأن النبي المنتظر الذي قد أطل زمانه يتبعه ويكون أسعد الناس به، فلما دعاه صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام لم يتوقف.
وذكر ابن الأثير في أسد الغابة وابن ظفر في البشر عن ابن مسعود: أن أبا بكر خرج إلى اليمن قبل البعثة، قال: فنزلت على شيخ قد قرأ الكتب وعلم من علم الناس كثيرًا, فقال: أحسبك حرميًا؟ قلت: نعم، وأحسبك قرشيًا؟ قلت: نعم، وأحسبك تيميًا؟ قلت: نعم، قال: بقيت لي فيك واحدة، قلت: وما هي؟ قال: تكشف لي عن بطنك، قلت: لا أفعل، أو تخبرني لم ذاك، قال: أجد في العلم الصحيح الصادق أن نبيًا يبعث في الحرم يعاونه على أمره فتى وكهل، أما الفتى فخواض غمرات ودفاع معضلات، وأما الكهل فأبيض نحيف على بطنه شامة وعلى فخذه اليسرى علامة، وما عليك إلا أن تريني ما سألتك، فقد تكاملت لي فيك الصفة إلا ما خفي علي، فكشفت له بطني فرأى شامة سوداء فوق سرتي، فقال: أنت هو ورب الكعبة! وإني متقدم إليك في أمره، قلت: وما هو؟ قال: إياك والميل عن الهدى وتمسك بالطريق الوسطى، وخف الله فيما خولك وأطاك فقضيت باليمن أربي، ثم أتيت الشيخ لأودعه، فقال: أحامل أنت مني أبياتًا إلى ذلك النبي؟ قلت: نعم، فذكر أبياتًا، فقدمت مكة، وقد بعث صلى الله عليه وسلم فجاءني صناديد قريش، فقلت: نابكم أو ظهر فيكم أمر؟ قالوا: أعظم الخطب يتيم أبي طالب يزعم أنه نبي، ولولا أنت ما انتظرنا به والكفاية فيك، فصرفتهم على أحسن شيء وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرعت عليه الباب فخرج إلي، فقلت: يا محمد! قدحت منازل أهلك وتركت دين آبائك؟ فقال: "إني رسول الله إليك وإلى الناس كلهم، فآمن بالله"، قلت: وما دليلك؟ قال: "الشيخ الذي لقيته باليمن"، قلت: وكم لقيت من شيخ باليمن، قال: "الذي أفادك الأبيات"، قلت: ومن أخبرك بهذا يا حبيبي؟ قال: "الملك المعظم الذي يأتي الأنبياء قبلي" قلت: مد يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فانصرفت وقد سر صلى الله عليه وسلم بإسلامي. وفي سياقه نكارة، فإن كان محفوظًا أمكن الجمع بأن سفره لليمن قبل البعثة؛ كما صرح به ورجوعه عقب إسلام خديجة، واجتمع بحكيم وسمع الخبر عنده ولقيه الصناديد، وقالوا له ما ذكر، فأتاه صلى الله عليه وسلم وآمن به

<<  <  ج: ص:  >  >>