للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أهل التعبير: من رأى أنه يطير، فإن كان إلى جهة السماء تعريجا ناله ضرر، وإن غاب في السماء ولم يرجع مات، وإن رجع أفاق من مرضه، وإن كان يطير عرضا سافر ونال رفعة بقدر طيرانه.

ومن ذلك: رؤيته صلى الله عليه وسلم المرأة السوداء الثائرة الرأس، وتعبيرها بنقل وباء المدينة إلى الجحفة.

روى البخاري من حديث عن عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت في المنام امرأة سوداء ثائرة الرأس، خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة -وهي


"وقال أهل التعبير: من رأى أنه يطير، فإن كان إلى جهة السماء تعريجا" أي ارتفاعا، والتكثير للمبالغة، لكن لفظ الفتح إلى جهة السماء بغير تعريج، وتبع المصنف في الشرح، "ناله ضرر وإن غاب في السماء ولم يرجع مات، وإن رجع أفاق من مرضه" إن كان مريضا، "وإن كان يطير عرضا سافر ونال رفعة بقدر طيرانه" زاد في الفتح: فإن كان بجناح، فهو مال أو سلطان يسافر في كنفه، وإن كان بغير جناج دل على التحذير مما يدخل فيه، وقالوا: إن الطيران للشرار دليل رديء. انتهى.
وقال بعضهم: من رأى عليه سوارين من ذهب، أصابه ضيق في ذاته مدة، فإن كانا من فضة فهو خير من الذهب، وليس يصلح للرجال في المنام من الحلي إلا التاج والقلادة والعقد والخاتم.
قال الحافظ في المغازي: ويؤخذ من هذه القصة منقبة للصديق؛ لأنه صلى الله عليه وسلم تولى نفخ السوارين بنفسه حتى طارا، فأما الأسود فقتل في زمنه، وأما مسيلمة فكان القائم عليه حتى قتل أبو بكر، فقام مقامه صلى الله عليه وسلم في ذلك، ويؤخذ منه أن السوار وسائر آلات الحلي اللائقة بالنساء تعبر للرجال بما يسوءهم ولا يسرهم، ولله أعلم.
"ومن ذلك" أي مرائيه وتعبيراته "رؤيته صلى الله عليه وسلم المرأة السوداء الثائرة الرأس" "بمثلثة من ثار الشيء إذا انتشر". "وتعبيرها بنقل وباء المدينة" "بالمد والقصر" مرضها العام لا الطاعون، لأنه لم يدخلها "إلى الجحفة" "بضم الجيم وسكون المهملة" الميقات المعلوم.
"روى البخاري" في التعبير من ثلاثة طرق، "من حديث" موسى بن عقبة، عن سالم، "عن" أبيه "عبد الله بن عمر" رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت في المنام امرأة". وفي رواية: "كأن امرأة". "سوداء ثائرة الرأس"، "بمثلثة"، أي منتفش شعر رأسها، ولأحمد وأبي يعلى عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة: "ثائرة الشعر تفلة". والمراد شعر الرأس وتفلة، "بفتح الفوقية وكسر الفاء ولام"، أي كريهة الرائحة "خرجت من المدينة" النبوية، كذا في أكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>