للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجحفة- فأولت ذلك أن وباء المدينة نقل إليها".

وهذا من قسم الرؤيا المعبرة، وهي مما ضرب به المثل ووجه التمثيل أنه شق من اسم السوداء: السوء والداء، فتأول خروجها بما جمع اسمها، وتأول من ثوران شعر رأسها أن الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة.

وقال القيرواني من أهل التأويل: كل شيء غلبت السوداء في أكثر


الروايات.
وفي رواية ابن أبي الزناد: أخرجت بزيادة همزة مضمومة أوله على البناء للمجهول، ولفظه: أخرجت من المدينة، فأسكنت بالجحفة وسارت "حتى قامت" أي انتصبت قائمة حين وصولها "بمهيعة" "بفتح الميم وسكون الهاء فتحتية مفتوحة فعين مهملة" وقيل: بوزن عظيمة، ثم استقرت فيها كما يفيده التعبير بأسكنت في تلك الرواية.
قال الحافظ: وأظن قوله: "وهي الجحفة" مدرجا من قول موسى بن عقبة، فإن أكثر الروايات عنه خلا عن هذه الزيادة، وثبتت في رواية سليمان، يعني ابن بلال عن موسى عند البخاري، وابن جريج عن موسى عند ابن ماجه، إلا أنه قال بالمهيعة.
قال ابن التين: ظاهر كلام الجوهري أن مهيعة تصرف، لأنه أدخل عليها الألف واللام، إلا أن يكون أدخلهما للتعظيم وفيه بعد، انتهى.
وجزم السيوطي بأنه مدرج منه، "فأولت ذلك أن وباء المدينة نقل إليها" أي نقل من المدينة الجحفة لعدوان أهلها وأذاهم للناس، وكانوا يهودا وترجم البخاري على هذا الحديث باب: إذا رأى أنه أخرج الشيء من كورة "بضم الكاف وسكون الواو، بعدها راء مفتوحة فهاء تأنيث" أي: ناحية.
قال الحافظ: ظاهر الترجمة أن فاعل الإخراج النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه نسبه إليه لأنه دعا به حيث قال: "اللهم حبب إلينا المدينة، وانقل حماها إلى الجحفة"، "وهذا" كما قال المهلب "من قسم الرؤيا المعبرة، وهي مما ضرب به المثل ووجه التمثيل أنه شق" أي قطع، أي أخذ "من اسم السوداء" جزئين "السوء والداء فتأول خروجهما بما جمع" هو، أي الجزآن "اسمها" فهو بالنصب مفعول، أو بالرفع والمفعول محذوف، أي بما جمعه اسمها، "وتأول من ثوران شعر رأسها أن الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة" "بفتح التحتية وضمها".
"وقال" علي "القيرواني، من" علماء "أهل التأويل: كل شيء غلبت عليه السوداء في أكثر وجوهها فهو مكروه" أي رؤياه تدل على مكروه، "وقال غيره: ثوران الرأس يؤول

<<  <  ج: ص:  >  >>