"وأجيب بتخصيص الرسول بالملك والإظهار بما يكون بغير توسطه" أي الملك "وكرامات الأولياء" الحاصلة باطلاعهم "على المغيبات" فهو متعلق بمحذوف، "إنما تكون برؤيا الملائكة" للغيوب، ويلقون ما يطلعون عليه إلى من شاء الله بوحي أو إلهام، فلا حاجة إلى تأويل رؤيا براءة الملاكئة للناس، وأن يطلعوهم على ذلك بطريق من الطرق، "كإطلاق اطلاعنا على أحوال الآخرة" أي علمنا بها "بتوسط الأنبياء". "وفي حديث مر" في غزوة تبوك: "أنه عليه الصلاة والسلام قال" لما ضلت ناقته وقال بعض المنافقين: لو كان نبيا لعلم مكانها فقال صلى الله عليه وسلم: "والله إني لا أعلم إلا ما علمني ربي" وأنه أخبرني أنها بمكان، كذا حبستها شجرة، وأرسل فأتى بها، "فكل ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام من الأنباء المنبئة عن الغيوب ليس هو إلا من إعلام الله له به" لتكون تلك الغيوب "أعلاما" "بفتح الهمزة" جمع علم، أي دلائل "على ثبوت نبوته ودلائل" أي علامات "على صدق رسالته" "عطف تفسير"، وقد تواترت الأخبار واتفقت معانيها على اطلاعه صلى الله عليه وسلم على الغيب، كما قال عياض، ولا ينافي الآيات الدالة على أنه لا يعلم الغيب إلا الله، وقوله: {لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} ، لأن المنفي علمه من غير واسطة، كما أفاده المتن، أما اطلاعه عليه بإعلام الله، فمحقق لقوله: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} . قال في لطائف المنن: اطلاع العبد على غيب من غيوب الله بنور منه، لدليل خبر: "اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله" لا يستغرب، وهو معنى "كنت بصره الذي يبصر به"، فمن كان الحق بصره أطلعه على غيبه، فلا يستغرب.