للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجلان ثوبهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها".


المراد المباهاة به في الزينة والزخرفة، أو أعم من ذلك، وقد وجد ذلك وهو في ازدياد، "وحتى يمر الرجل بقبر الرجل، فيقول: يا ليتني مكانه" لما يرى من عظم البلاء ورياسة الجهلاء وخمول العلماء، واستيلاء الباطل في الأحكام، وعموم الظلم واستحلال الحرام، والتحكم بغير حق في الأموال والأعراض والأبدان، كما في هذه الأزمان، فقد علا الباطل على الحق، وتغلب العبيد على الأحرار من سادات الخلق، فباعوا الأحكام، ورضي بذلك منهم الحكام، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه.
وقيل: ذلك لما يقع لبعضهم من مصيبة في نفسه، أو أهله, أو ماله، وإن لم يكن في ذلك شيء يتعلق بدينه.
وفي مسلم عن أبي هريرة، مرفوعا: "لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر، فيتمرغ عليه ويقول: يا ليتني مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين إلا البلاء". وسبب ذلك أنه يقع البلاء والشدة حتى يكون الموت الذي هو أعظم المصائب أهون على الرجل، فيتمنى أهون المصيبتين في اعتقاده، وذكر الرجل للغالب، وإلا فالمرأة يمكن أن تتمنى الموت لذلك أيضا، إلا أنه لما كان الغالب أن الرجال هم المبتلون بالشدائد، والنساء محجبات لا يصلين نار الفتنة، خصهم، ثم لا يلزم كونه في جميع الناس والبلاد والأزمان بل يصدق باتفاقه لبعض الناس في بعض البلاد في بعض الأزمان، وهو إخبار عما يكون لا تعرض لحكم شرعي، فلا ينافي النهي عن تمني الموت، وعلى التفسير الأول: بفساد الدين، فيجوز تمنيه ليسلم دينه، لحديث: "وإذا أردت بالناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون". كما قال ابن عبد البر: "و" لا تقوم الساعة "حتى تطلع الشمس من مغربها" غاية لعدم قيامها.
قال الكرماني: فإن قيل بين أهل الهيئة، أن الفلكيات بسيطة، لا تختلف مقتضاياتها، ولا يتطرق إليها خلاف ما هي عليه، قلت: قواعدهم منقوضة، ومقدماتهم ممنوعة، ولئن سلمنا صحتها، فلا امتناع في انطباق منطقة البروج على معدل الليل، بحيث يصير المشرق مغربا والمغرب مشرقا. انتهى.
وآية ذلك أن يطول الليل حتى يكون قدر ليلتين، رواه ابن مردويه عن حذيفة، رفعه: "فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل" صفة نفسا، "أو كسبت في إيمانها خيرا"، "عطف على آمنت"، والمعنى لا ينفع الإيمان حينئذ

<<  <  ج: ص:  >  >>