وعند ابن أبي شيبة: قالوا: يا رسول الله وما الهرج؟ قال: "القتل". وهو صريح في أن تفسير الهرج مرفوع، ولا يعارضه كونه جاء موقوفا في غير هذه الرواية، ولا كونه بلسان الحبشة، "وحتى يكثر فيكم المال فيفيض"، "بفتح الياء والنصب عطفا على سابقه"، أي يكثر حتى يسيل "حتى يهم"، "بضم التحتية وكسر الهاء وشد الميم": يحزن "الرجل" الذي في البخاري رب المال "مفعول"، "من يقبل صدقته"، "فاعل". وفي رواية: "بفتح الياء وضم الهاء"، ورب المال "فاعل، ومن مفعوله"، كما في الفتح وغيره، "وحتى يعرضه"، "بفتح الياء" يظهره. قال الطيبي: معطوف على مقدر، المعنى: حتى يهم طلب من يقبل الصدقة صاحب المال، فيطلبه حتى يجده وتى يعرضه، "فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب"، "بفتحتين" لا حاجة "لي به" لاستغنائي عنه. قال القرطبي في التذكرة: هذا مما لم يقع، بل يكون فيما يأتي، وقال الحافظ: التقييد بقوله: فيكم يشعر بأنه في زمن الصحابة، وأما قوله: "فيفيض" ... إلخ، فهو إشارة إلى ما وقع في زمن عمر بن عبد العزيز، أن الرجل كان لا يجد من يقبل صدقته لبسط عدله وإيصال الحقوق لأهلها حتى استغنوا، وقوله: "حتى يعرضه" ... إلخ إشارة إلى ما سيقع زمن عيسى، فيكون فيه إشارة إلى ثلاثة أحوال: الأولى: كثرة المال فقط في زمن الصحابة, الثانية: فيضه بحيث يكثر ويحصل استغناء كل أحد عن أخذ مال غيره، ووقع ذلك في زمن عمر بن عبد العزيز. أخرج يعقوب ابن سفيان في تاريخه بسند جيد، عن يحيى بن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم، فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء، فما يبرح حتى يرجع بماله، فيتذكر من يضعه فيهم فلا يجده، فيرجع به قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس، وسبب ذلك بسطه العدل وإيصال الحقوق لأهلها حتى استغنوا, الثالثة: كثرته وحصول الاستغناء عنه حتى يهم صاحب المال، لكونه لا يجد من يقبل صدقته، ويزداد بأن يعرضه على غيره، ولو كان يستحق الصدقة فيأبى أخذه، وهذا في زمن عيسى عليه السلام، ويحتمل أن يكون هذا الأخير عند خروج النار واشتغال الناس بالمحشر، فلا يلتفت أحد إلى شيء، بل نقصد نجاة نفسه ومن استطاع من أهله وولده، "وحتى يتطاول الناس في البنيان" بأن يكون كل ممن يبني، يريد ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر، أو