للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس


مصداق ذلك في آخر زمنه صلى الله عليه وسلم فخرج مسيلمة باليمامة, والأسود باليمن, ثم خرج في خلاف الصديق طليحة بن خويلد في بني أسد بن خزيمة وسجاح التميمية في بني تميم، وفيها يقول شبيب بن ربعي:
أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها ... وأصبت أنبياء الناس ذكرانا
فقتل الأسود قبل موته صلى الله عليه وسلم، وقتل مسيلمة في خلافة أبي بكر، وتاب طليحة ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر، وقيل: أن سجاح تابت، ثم كان أول من خرج بعدهم المختار بن أبي عبيد الثقفي، غلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير، فأظهر محبة أهل البيت، ودعاء الناس إلى طلب قتلة الحسين، فتتبعهم، فقتل كثيرا ممن باشر ذلك، أو أعان عليه، فأحبه الناس، ثم زين له الشيطان، فادعى النبوة، وزعم أن جبريل يأتيه، فروى أبو داود الطيالسي بإسناد صحيح عن رفاعة بن عبد الله، قال: كنت أبطن شيء بالمختار، فدخلت عليه يوما، فقال: دلت وقد قام جبريل قبلك من هذا الكرسي.
وروى يعقوب بن سفيان بإسناد حسن عن الشعبي أن الأحنف بن قيس أراه كتاب المختار إليه يذكر أنه نبي، وروى أبو داود في السير عن إبراهيم النخعي، قال: قلت لعبيدة بن عمرو: أترى المختار منهم؟ قال: أما إنه من الرءوس. ومنهم: الحارث الكذاب، خرج في خلافة عبد الملك بن مروان، فقتل، وخرج في خلافة بني العباس جماعة، وليس المراد بالحديث من ادعى النبوة مطلقا، فإنهم لا يحصون كثرة؛ لكون غالبهم ينشأ لهم ذلك من جنون أو سوداء وإنما المراد من قامت له شوكة، وبدت له شبهة، كمن وصفنا.
وقد أهلك الله تعالى من وقع له ذلك منهم وبقي منهم من يلحقه بأصحابه، وآخرهم الدجال الأكبر، قاله في فتح الباري "و" لا تقوم الساعة "حتى يقبض العلم" بقبض العلماء، وقد وقع ذلك، فلم يبق إلا رسمه، "وتكثر الزلازل" وقد كثر ذلك في البلاد الشمالية والشرقية والغربية، حتى قيل إنها استمرت في بلدة من بلاد الروم التي للمسلمين ثلاثة عشر شهرا.
وفي حديث سلمة بن نفيل عند أحمد: وبين يدي الساعة سنوات الزلازل، "ويتقارب الزمان" عند زمان المهدي، لوقوع الأمن في الأرض، فيستلذ العيش عند ذلك لانبساط عدله، فتقصر مدته؛ لأنهم يستقصرون مدة أيام الرخاء وإن طالت، ويستطيلون أيام الشدة وإن قصرت، أو المراد يتقارب أهل الزمان في الجهل، فيكونون كلهم جهلاء، أو المراد الحقيقة، بأن يعتدل الليل والنهار دائما بأن تنطبق منطقة البروج على معدل الليل والنهار.
وروى أحمد والترمذي عن أنس، مرفوعا: "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة

<<  <  ج: ص:  >  >>