للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعجب العجاب، والله الموفق للصواب.


انطفاؤها في السابع والعشرين من شهر رجب ليلة الإسراء والمعراج" أي الذي اتفق فيه ذلك، "وبالجملة فاستيفاء الكلام على هذه النار يخرج عن المقصود" من الاختصار. "وقد نبه عليه القرطبي في التذكرة، وأفردها بالتأليف الشيخ قطب الدين القسطلاني في كتاب سماه جمل الإيجاز بنار الحجاز، فأتى فيه من رقائق الحقائق بالعجب العجاب", ومن جملة ذلك قوله فيه: حكى لي جمع ممن حضر أن النفوس سكرت من حلول الوجل، وفتنت من ارتقاب نزول الأجل، ونشج المجاورون في الجؤار بالاستغفار، وعزموا على الإقلاع عن الإصرار والتوبة عما اجترحوا من الأوزار، وفزعوا إلى الصدقة بالأموال، فصرفت عنهم النار ذات اليمين وذات الشمال، وظهر حسن بركة نبينا صلى الله عليه وسلم في أمته، ويمن طلعته في رفقته بعد فرقته، فقد ظهر أن النار المذكورة في الحديث هي النار التي ظهرت بنواحي المدينة، كما فهمه القرطبي وغيره، ويبقى النظر هل هي من داخل كالتنفس؟ أو من خارج كصاعقة نزلت؟ والظاهر الأول، ولعل التنفس حصل من الأرض لما تزلزلت وتزايلت عن مركزها الأول، وقد تضمن الحديث في ذكر النار ثلاثة أمور: خروجها من الحجاز وسيلان واد منه بالنار وقد وجدا، وأما الثالث، وهو إضاءة أعناق الإبل ببصرى، فقد جاء من أخبر به، فإذا ثبت هذا فقد صحت الأمارات وتمت العلامات وإن لم يثبت، فتحمل إضاءة أعناق الإبل ببصرى على وجه المبالغة، وذلك في لغة العرب سائغ، وفي باب التشبيه في البلاغة بالغ، وللعرب في التصرف في المجاز ما يقضي للغتها بالسبق في الإعجاز، وعلى هذا يكون القصد بذلك التعظيم بشأنها والتفخيم لمكانها والتحذير من فورانها وغليانها، وقد وجد ذلك على وفق ما أخبر، وقد جاء من أخبر أنه أبصرها من تيماء وبصرى على مثل ما هي من المدينة في البعد، فتعين أنها المراد، وارتفع الشك والعناد، وأما النار التي تحشر الناس فنار أخرى، قاله المصنف، "والله الموفق للصواب" سبحانك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ما شاء الله لا قوة إلا بالله، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>