للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجاب الفخر الرازي: بأنه يحتمل أن يكون المراد الأمر بمتابعته في كيفية الدعوة إلى التوحيد، وهو أن يدعو إليه بطريق الرفق والسهولة وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى بأنواع كثيرة، على ما هو الطريقة المألوفة في القرآن.

وقد قال صاحب الكشاف: لفظة "ثم" في قوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} تدل على تعظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلال محله، فإن أشرف ما أوتي خليل الله من الكرامة وأجل ما أوتي من النعمة اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملته، من قِبَل أن هذه الآية دلت على تباعد النعت في المرتبة على سائر المدائح التي مدحه الله بها. انتهى.

ومراده بالمدائح: المذكورة في قوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النحل: ١٢٠] .


كما قال ذلك البليد القليل العقل.
"أجاب الفخر الرازي بأنه يحتمل أن يكون المراد الأمر بمتابعته في كيفية الدعوة إلى التوحيد، وهو أن يدعو إليه بطريق الرفق والسهولة" كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥] ، "وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى", والمجادلة مع كل واحد بحسبه "بأنواع كثيرة على ما هو الطريقة المألوفة في القرآن" كما وقع لإبراهيم من الاستدلال بالكوكب، ثم القمر، ثم الشمس.
"وقد قال صاحب الكشاف لفظة "ثم" في قوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} تدل على تعظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلال محله، فإن أشرف ما أوتي خليل الله من الكرامة، وأجل ما أوتي من النعمة" عليه من الله تعالى "اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملته من قِبَل"، "بكسر ففتح" أي جهة "أن هذه الآية دلت على تباعد" أي ارتفاع "النعت في المرتبة على سائر المدائح التي مدحه الله بها. انتهى".
"ومراده" أي الزمخشري "بالمدائح المذكورة في قوله: إن إبراهيم كان أمة" إماما قدوة، جامعا لخصال الخير التي لا تكاد توجد إلا مفرقة في أشخاص عديدة، كقوله:
وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
"قانتا لله" مطيعا فيما يأمره، "حنيفا" مائلا عن الباطل إلى الدين القيم، "ولم يك من المشركين" كما زعمت قريش أنهم على ملة إبراهيم، "شاكرا لأنعمه" ذكر بلفظ القلة، تنبيها على أنه لا يخل بشكر النعم القليلة، فكيف بالكثيرة "اجتباه" اصطفاه "وهداه إلى صراط مستقيم" في الدعوة إلى الله، "وآتيناه في الدنيا حسنة" بأن حببه للناس حتى أن أرباب الملل،

<<  <  ج: ص:  >  >>